طريق العبادة والزهد. صحب عمه، وسلك طريق الرياضات والمجاهدات. وقرأ الفقه، والخلاف، والعربية، وسمع الحديث، ثم انقطع ولازم الخلوة، وداوم الصوم، والذكر، والعبادة، إلى أن خطر له عند علو سنه أن يظهر للناس ويتكلم عليهم، فعقد مجلس الوعظ بمدرسة عمه على دجلة، فكان يتكلم بكلام مفيد من غير تزويق ولا تنميق. وحضر عنده خلق عظيم. وظهر له قبول عظيم من الخاص والعام، واشتهر اسمه، وقصد من الأقطار، وظهرت بركات أنفاسه على خلق من العصاة فتابوا. ووصل به خلق إلى الله، وصار له أصحاب كالنجوم. ونفذ رسولا إلى الشام مرات، وإلى السلطان خوارزم شاه. ورأى من الجاه والحرمة عند الملوك ما لم يره أحد. ثم رتب شيخا بالرباط الناصري، وبرباط البسطامي، ورباط المأمونية. ثم إنه أضر في آخر عمره وأقعد. ومع هذا فما أخل بالأوراد، ودوام الذكر وحضور الجمع في محفة، والمضي إلى الحج، إلى أن دخل في عشر المائة، وضعف، فانقطع في منزله.
قال: وكان تام المروءة، كبير النفس، ليس للمال عنده قدر، لقد حصل له ألوف كثيرة، فلم يدخر شيئا، ومات ولم يخلف كفنا. وكان مليح الخلق والخلق. متواضعا، كامل الأوصاف الجميلة. قرأت عليه كثيرا وصحبته مدة، وكان صدوقا، نبيلا. صنف في التصوف كتابا شرح فيه أحوال القوم، وحدث به مرارا يعنيعوارف المعارف.
قال: وأملى في أخر عمره كتابا في الرد على الفلاسفة، وذكر أنه دخل بغداد بعد وفاة أبي) الوقت المحدث.
وقال ابن نقطة: كان شيخ العراق في وقته، صاحب مجاهدة وإيثار، وطريقة حميدة، ومروءة تامة، وأوراد على كبر سنه.
وقال يوسف الدمشقي: سمعت وعظ أبي جعفروالد السهرورديببغداد في جامع القصر، وفي المدرسة النظامية، وتولى قضاء سهرورد، وقتل.