التاجر وكان صاحب الجزيرة يبعث معه إذا سافر إلى العجم هدايا إلى السلطان خوارزم شاه، فكانوا يحترمون ما يبعث به لكونه من بقايا بني أتابك زنكي قال: فكنت في جيش الملك خوارزم شاه ومعه يومئذ مقدار ستمائة ألف راكب ومعهم أتباع تقاربهم، وتلك البراري تموج بهم كالبحر، فبينما هو في بعض الليالي في المختم، وإذا بصوت ينادي: يا كفرة اقتلوا الجرة فتتبع ذلك الصوت فلم ير أحد إلا طيور طائرة، فلما كان ثاني ليلة سمع ذلك الصوت بعينه ورأى الطيور، فلما كانت الليلة الثالثة سمع ذلك الصوت بعينه، فما سكت إلا وقد دخل إليه خاله، فحذره من الفتك به كما ذكرنا.
قال: وحكى لي الصالح غرس الذين أبو بكر الإربلي، قال: كان ابن خالتي من حجاب مظفر صاحب إربل، فحدثني، قال: أرسلني مظفر الدين إلى خوارزم شاه رسولا فأكرمني، وأجلسوني فوق رسول الخليفة، وفوق الملوك الذين هم في خدمته، فكان عدة من التقينا من عسكره، وممن هو داخل غي طاعته ثلاثمائة ألف وخمسين ألفا، وكنا كلما جئنا إلى مكان يقولون: هذا رسول الفقير مظفر الدين. فسألت بعض الوزراء: كم تكون عدة جيش السلطان قال: المدونة ثلاثون تومانا، التومان: عشرة آلاف.
قلت: وكانت دولته إحدى وعشرين سنة.
ثم رأيت سيرته وسيرة ولده لشهاب الدين محمد بن أحمد بن علي النسوي في مجلد، فذكر فيه سعة ممالكه وقهره البلاد والعباد، واستيلائه على خراسان، وخوارزم، وأطراف العراق، ومازندان، وكرمان، ومكران، وكيش، وسجستان، والغور، وغزنة، وباميان، وما وراء النهر والخطا، وما يقارب أربعمائة مدينة. وذكر من عظمة أمة تركان الخطائية، أمورا لم يسمع بمثلها، من عظمتها ونفوذ أمرها، وقتلها النفوس، وجبروتها. وأن جنكزخان أسرها ورأت الذل والهوان والجوع.