تاريخ الإسلام - الذهبي - ج ٤٣ - الصفحة ٣٦١
للمناظرة، وكان بارعا في الفقه، والجدل، ومسائل الخلاف، فصيحا، مناظرا. صنف تعليقة في الخلاف، وكان يقرئ العلوم في منزله.
ورتب ناظرا في ديوان المطبق، فذمت سيرته، فحبس وعزل، وبقي خاملا متحسرا على الرياسة إلى أن توالت أمراض فهلك، ولم يكن في دينه بذاك قاله ابن النجار.
وقال: ذكر لي ولداه: أنه قرا الفلسفة على ابن مرقش النصراني. قال: وسمعت من أثق به: أنه صنف كتابا سماه نواميس الأنبياء يذكر فيه أنهم كانوا حكماء كهرمس وأرسطاطاليس، فسألت بعض تلامذته عن ذلك فسكت، وقال: كان متسمحا في دينه، متلاعبا به.
قال ابن النجار: وكان دائما يقع في الحديث وأهله ويقول: هم جهال لا يعرفون العلوم العقلية.
ولم أكلمه قط.
قال أبو المظفر ابن الجوزي: صنف له طريقة وجدلا، وكان فصيحا له عبارة، وصوت رفيع.
ولاه الخليفة ضياع الخاص، فظلم الرعية، وجمع الأموال، فعزل وأقام في بيته خاملا فقيرا يعيش من صدقات الناس إلى أن مات في ربيع الأول. وولده الشمس محمد قدم الشام بعد سنة عشرين وتعانى الوعظ، وكان فاسقا مجاهرا، خبيث اللسان، ومعه جماعة مردان من أبناء الناس يزعم أنهم مماليكه، وبدت منه هنات قبيحة. وكان يضرب الزغل، وهجا قاضي دمشق ابن الخوتي، ومحتسبها الصدر البكري، والناصح ابن الحنبلي، وكان يؤذي الناس ويفتري. ثم عاد إلى بغداد فقطع الخليفة لسانه وطوف به، فتكلم وهذى وعاد إلى السعاية بالناس، فنفي إلى واسط، وألقي في مطمورة حتى مات.
(٣٦١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 356 357 358 359 360 361 362 363 364 365 366 ... » »»