تاريخ الإسلام - الذهبي - ج ٤٢ - الصفحة ٣٨٦
التركية الجهة المعظمة، أم أمير المؤمنين الناصر لدين الله.
عاشت في خلافة ابنها أربعا وعشرين سنة. وحجت، ووقفت المدارس والربط والجوامع. ولها وقوف كثيرة في القربات.
وقد أنفقت في حجتها نحوا من ثلاثمائة ألف دينار.
وحزن عليها الخليفة ومشى أمام تابوتها، وحملت إلى تربة معروف الكرخي، وشيعها الأكابر.
وكاد الوزير أن يهلك من المشي، وقعد يستريح مرات، عمل عزاؤها شهرا وأنشدت المراثي.
وأمر الخليفة بتفريق ما خلفته من ذهب وجوهر وثياب.
وتوفيت في ربيع الآخر.
قال لنا ابن البزوري في تاريخه: عظم على الخليفة مصابها، وتجرع لفقدها مر الأحزان وأصابها. وتقدم إلى الوزير وأرباب الدولة، الكل والمدرسين بالحضور إلى باطن دار الخلافة للصلاة عليها، فلبسوا ثياب العزاء، ورفعت الغرز والطرحات والبسملة من بين يدي الأمراء.
وخرج الوزير نصير الدين بن مهدي ماشيا من داره إلى دار الخلافة. وصلى عليها ولدها، ثم أم بالجماعة الوزير، وأنزلت في الشبارة، ونزل الناس في السفن قياما، ولم يزل الوزير وأرباب المناصب يترددون إلى التربة شهرا كاملا بثياب العزاء.
ولا ضرب طبل، ولا شهر سيف، ولا نودي ببسم الله.
قال: ودام لبس ثياب العزاء سنة كاملة.
قتل: وهذا أمر لم يعمل مثله بأحد بل ولا بخليفة.
4 (حرف الشين)) شعيب بن عامر.
(٣٨٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 381 382 383 384 385 386 387 388 389 390 391 ... » »»