تاريخ الإسلام - الذهبي - ج ٤٢ - الصفحة ٣٤
فينتظرون حتى يموتوا، وأما بيع الأحرار فشاع وذاع، وعرض علي جاريتان ماهقتان بدينار واحد. وسألتني امرأة أن أشتري ابنتها وقالت: جميلة دون البلوغ بخمسة دراهم. فعرفتها أن هذا حرام فقالت: خذها هدية. وقد أبيع خلق،) وجلبوا إلى العراق، وخرسان. هذا، وهم عاكفون على شهواتهم، منغمسون في بحر ضلالاتهم، كأنهم مستثنون. وكانوا يزنون بالنساء حتى إن منهم من يقول أنه قنص خمسين بكرا ومنهم من يقول سبعين. وكل ذلك بالكسر.
أما مصر فخلا معظمها، وأما بيوت الخليج وزقاق البركة والمقس وما تاخم ذلك، فلم يبق فيها بيت مسكون، ولم يبق وقود الناس عوض الأحطاب إلى الخشب من السقوف والبيوت الخالية.
وقد استغنى طائفة كبيرة من الناس في هذه النوبة.
وأما النيل فإنه اخترق في برهودة اختراقا، وصار المقياس في أرض جزر، وانحسر الماء عنه نحو الجزيرة، وظهر في وسطه جزيرة عظيمة ومقطعات أبنية، وتغير ريحه وطعمه، ثم تزايد التغير، ثم انكشف أمره عن خضرة طحلبية، كلما تطاولت الأيام ظهرت وكثرت كالتي ظهرت في البيت من السنة الخالية. ولم تزل الخضرة تتزايد إلى أواخر شعبان، ثم ذهبت، وبقي في الماء أجزاء نباتية منبتة، وكان طعمه وريحه، ثم أخذ ينمى ويقوى جريه إلى نصف رمضان، فقاس ابن أبي الردار قاع البركة فكان ذراعين، وزاد زيادة ضعيفة إلى ثامن ذي الحجة، ثم وقف ثلاثة أيام، فأيقن الناس بالبلاء، واستسلموا للهلاك، ثم إنه أخذ في زيادات قوية، فبلغ في ثالث ذي الحجة خمس عشرة ذراعا وستة عشر إصبعا، ثم انحط من يومه، ومس بعض البلاد تحلة القسم، وأروى الغربية ونحوها، غير أن القرى خالية كما قال تعالى: فأصبحوا لا يرى إلا مساكنهم. وزرع الأمراء عض البلاد. ونهاية سعر الإردب خمسة دنانير. وأما بقوص، والإسكندرية فبلغ ستة دنانير.
(٣٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 ... » »»