4 (سنة سبع وتسعين وخمسمائة)) أخبار الغلاء الفاحش في مصر وأكل الناس بعضهم بعضا قال الموفق عبد اللطيف: دخلت سنة سبع مفترسة لأسباب الحيا، ويئسوا من زيادة النيل، وارتفعت الأسعار، وأقحطت البلاد، وضوى أهل السواد والريف إلى الأمهات البلاد، وجلى) كثير إلى البلاد النائية، ومزقوا كل ممزق. ودخل منهم خلق إلى القاهرة، واشتد بهم الجوع، ووقع فيهم الموت عند نزول الشمس الحمل. ووبيء الهواء، وأكلوا الميتات والبعر. ثم تعدوا إلى أكل الصغار، وكثيرا ما يعثر عليهم ومعهم صغار مشويون أو مطبوخون، فيأمر السلطان بإحراق الفاعل.
رأيت، صغيرا مشويا مع رجل وامرأة أحضرا فقالا: نحن أبواه. فأمر بإحراقهما.
ووجد بمصر رجل قد جردت عظامه وبقي قفصا. وفشى أكل بني آدم واشتهر ووجد كثيرا.
وحكى لي عدة نساء أنه يتوثب عليهن، لاقتناص أولادهن ويحامين عليهن بجهدهن. ولقد أحرق من النساء بمصر في أيام يسيرة ثلاثون امرأة، كل منهن تقر أنها أكلت جماعة.
ورأيت امرأة أحضرت إلى الوالي وفي عنقها طفل مشوي، فضربت أكثر من مائتي سوط، على أن تقر، فلا تخبر جوابا، بل تجدها قد انخلعت عن الطباع البشرية، ثم سجنت فماتت.