تاريخ الإسلام - الذهبي - ج ٤١ - الصفحة ٤٥
طريق، فنزل صلاح الدين على تل كيسان، وسير الكتب إلى ملوك الأطراف بطلب العساكر، فأتاه عسكر الموصل وديار بكر والجزيرة، وأتاه تقي الدين ابن أخيه.
قال ابن الأثير: فكان بين الفريقين حروب كثيرة، فقاتلهم صلاح الدين في أول شعبان، فلم ينل منهم غرضا، وبات الناس على تعبئة، وباكروا القتال من الغد، وصبر الفريقان صبرا حار له من رآه إلى الظهر، فحمل عليهم تقي الدين حملة منكرة من الميمنة على من يليه فأزاحهم عن مواقفهم، والتجأوا إلى من يليهم، وملك تقي الدين مكانهم والتصق بعكا. ودخل المسلمون البلد، وخرجوا منه، وزال الحصر. وأدخل إليهم صلاح الدين ما أراد من الرجال والذخائر، ولو أن المسلمين لزموا القتال إلى الليل لبلغوا ما أرادوا. وأدخل إليهم صلاح الدين الأمير حسام الدين) السمين.
4 (ذكر الوقعة الكبرى)) قال: وبقي المسلمون إلى العشرين من شعبان، كل يوم يغادون القتال ويراوحونه، والفرنج لا يظهرون من معسكرهم ولا يفارقونه حتى تجمعوا للمشورة، فقالوا: عساكر مصر لم تحضر، والحال مع صلاح الدين هكذا. والرأي أننا نلقى المسلمين غدا لعلنا نظفر بهم. وكان كثير من عساكر السلطان غائبا، بعضها في مقابل أنطاكية خوفا من صاحب أنطاكية، وبعضها في حمص مقابل طرابلس، وعسكر في مقابل صور، وعسكر مصر بالإسكندرية ودمياط، وأصبح صلاح الدين وعسكره على غير أهبة، فخرجت الفرنج من الغد كأنهم الجراد المنتشر، قد ملأوا الطول والعرض، وطلبوا ميمنة الإسلام وعليها تقي الدين عمر، فردفه السلطان برجال، فعطفت الفرنج
(٤٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 ... » »»