ونزل بنصيبين، وجمع العساكر، وأنفق الأموال، وعبر الفرات. وقدم حلب، فخرج إلى تلقيه ابن عمه الصالح بن نور الدين. وأقام على حلب مدة، ثم كانت وقعة تل السلطان، وهي منزلة بين حلب وحماه، وجرت بين صلاح الدين وبين غازي صاحب الموصل في سنة إحدى وسبعين، فنصر صلاح الدين، ورجع غازي فعدى الفرات، وأعطى صلاح الدين لابن أخيه عز الدين فرخشاه بن شاهنشاه صاحب بعلبك خيمة السلطان غازي. ثم سار فتسلم منبج وحاصر قلعة عزاز، ثم نازل حلب ثالثا في آخر السنة، فأقام عليها مدة، فأخرجوا ابنة صغيرة لنور الدين إلى صلاح الدين، فسألته عزاز، فوهبها لها.
ثم دخل الديار المصرية واستعمل على دمشق شمس الدولة تور انشاه، وكان قد جاء من اليمن.
وخرج سنة ثلاث من مصر، فالتقى الفرنج على الرملة، فانكسر المسلمون يومئذ، وثبت صلاح الدين، وتحيز بمن معه، ثم دخل مصر ولم شعث العسكر.
وتقدم أكثر هذا القول مفرقا.
ونازل حلب في أول سنة تسع، فطلب منه عماد الدين زنكي بن مودود أن يأخذ ما أراد من القلعة، ويعطيه سنجار، ونصيبيين، وسروج، وغير ذلك. فحلف له صلاح الدين على ذلك.
وكان صلاح الدين قد أخذ سنجار من أربعة أشهر، وأعطاها لأبن أخيه تقي الدين عمر، ثم عوضه عنها. ودخل حلب، ورتب بها ولده الملك الظاهر، وجعل أتابكه يازكوج الأسدي.
ثم توجه لمحاصرة الكرك. وجاء أخوه العادل من مصر، فحشدت الفرنج، وجاؤوا إلى الكرك نجدة، فسير صلاح الدين تقي الدين عمر يحفظ له مصر. ثم رحل عن الكرك في نصف شعبان. وأعطى أخاه العادل حلب، فدخلها في أواخر رمضان، وقدم الظاهر وأتابكه، فدخلا دمشق في شوال. وقيل أعطاه عوض حلب ثلاثمائة ألف دينار.