وقيل إنهم خرجوا من تكريت في الليلة التي ولد فيه صلاح الدين، فتطيروا به، ثم قال بعضهم.
لعل فيه الخيرة وأنتم لا تعلمون.
ثم خدم نجم الدين أيوب وولده صلاح الدين السلطان نور الدين، وصيرهما أميرين، وكان أسد الدين شيركوه أخو نجم الدين أرفع منهما منزلة عنده، فإنه مقدم جيوشه.
وولي صلاح الدين وزارة مصر، وهي كالسلطنة في ذلك الوقت، بعد موت عمه أسد الدين سنة أربع وستين. فلما هلك العاضد في أول سنة سبع، اشتغل بالأمر، مع مداراة نور الدين ومراوغته، فإن نور الدين عزم على قصد مصر ليقيم غيره في نيابته، ثم فتر. ولما مات نور الدين سار صلاح الدين إلى دمشق مظهرا أنه يقيم نفسه ارتباكا لولد نور الدين لكونه صبيا، فدخلها بلا كلفة، وأستولى على الأمور في سلخ ربيع الأول سنة سبعين. ونزل بالبلد بدار أبيه المعروفة بالشريف العقيقي التي هي اليوم الظاهرية.
ثم تسلم القلعة، وصعد إليها، وشال الصبي من الوسط. ثم سار فأخذ حمص، ولم يشتغل بأخذ قلعتها، في جمادى الأولى.
ثم نازل حلب في سلخ الشهر، وهي الوقعة الأولى، فجهز السلطان غازي بن مودود أخاه عز الدين مسعود في جيش كبير لحربه، فترحل عن حلب، ونزل على قلعة حمص فأخذها. وجاء عز الدين مسعود، فاخذ معه عسكر حلب، وساق إلى قرون حماه، فراسلهم وراسلوه، وحرص) على الصلح، فأبوا، ورأوا أن المصاف معه ينالون به غرضهم لكثرتهم، فالتقوا، فكانت الهزيمة عليهم، وأسر جماعة. وذلك في تاسع عشر رمضان.
ثم ساق وراءهم، ونزل على حلب ثانيا، فصالحوه وأعطوه المعرة، وكفرطاب، وبارين.
وجاء صاحب الموصل غازي فحاصر أخاه عماد الدين زنكي بسنجار، لكونه انتمى إلى صلاح الدين، ثم صالحه لما بلغ غازي كسرة أخيه مسعود،