تاريخ الإسلام - الذهبي - ج ٤١ - الصفحة ٢٨٤
قال فخر الدين المارديني: ما أذكى هذا الشاب وأفصحه إلا أني أخشى عليه لكثرة تهوره واستهتاره تلافه.
ثم إن الشهاب السهروردي قدم الشام فناظر فقهاء حلب، ولم يجاره أحد، فاستحضره الملك الظاهر، وعقد له مجلسا، فبان فضله، وبهر علمه، وحسن موقعه عند السلطان، وقربه، واختص به، فشنعوا عليه، وعملوا محاضر بكفره، وزادوا عليه أشياء كثيرة، فبعث إلى ولده الملك الظاهر بخط القاضي الفاضل يقول فيه: لا بد من قتله، ولا سبيل إلى أن يطلق ولا يبقي بوجه. فلما لم يبق إلا قتله اختار هو لنفسه أن يترك في بيت حتى يموت جوعا، ففعل به ذلك في أواخر سنة ست وثمانين بقلعة حلب. وعاش ستا وثلاثين سنة.
حكى ابن أصيبعة هذا الفصل عن السديد محمود بن زقيقة. ثم قال: وحدثني الحكيم إبراهيم بن صدفة أنه اجتمع مع الشهاب هو وجماعة، وخرج من باب الفرج إلى الميادين، فجرى ذكر السيماء، فمشى قليلا وقال: ما أحسن دمشق وهذه المواضع. فنظرنا فإذا م ناحية الشرق جواسق مبيضة كثيرة مزخرفة، وفي طاقاتها نساء كالأقمار ومغاني، وغير ذلك فتعجبنا وأنذهلنا فبقينا ساعة، وعدنا إلى ما كنا نعرفه، إلا أني عند رؤية ذلك بقيت أحس من نفسي كأني في سنة خفية، ولم يكن إدراكي كالحالة التي أتحققها مني.
وحدثني بعض فقهاء العجم قال: كنا مع شهاب الدين عند القابون، فقلنا: يا مولاي، نريد رأس غنم. فأعطانا عشرة دراهم، فاشترينا رأسا، ثم
(٢٨٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 279 280 281 282 283 284 285 286 287 288 289 ... » »»