تاريخ الإسلام - الذهبي - ج ٤١ - الصفحة ٢٨٠
بثلب أهل القصر، وجعل تسبيحه سبهم، فحاروا في أمره، فأرسلوا إليه بمال عظيم، قيل مبلغه أربعة آلاف دينار، فلما وقع نظره على رسولهم وهو بالزي المعروف، نهض إليه بأشد غضب وقال: ويلك ما هذه البدهة وكان الرجل قد زور في نفسه كلاما يلاطفه به، فأعجله عن ذلكن فرمى الدنانير بين يديه، فضربه على رأسه، فصارت عمامته حلقا في عنقه، وأنزله من السلم وهو يرمي بالدنانير على رأسه، ويلعن أهل القصر.
ثم إن العاضد توفي، وتهيب صلاح الدين أن يخطب لبني العباس خوفا من الشيعة، فوقف الخبوشاني قدام المنبر بعصاه، وأمر الخطيب أن يذكر بني العباس، ففعل، ولم يكن إلا الخير.
ووصل إلى بغداد، فزينوا بغداد وبالغوا، وأظهروا من الفرح فوق الوصف.) ثم إن الخبوشاني أخذ في بناء ضريح الشافعي، وكان مدفونا عنده ابن الكيزاني، رجل ينسب إلى التشبيه، وله أتباع كثيرون من الشارع.
قلت: بالغ الموفق، فإن هذا رجل سني يلعن المشبهة، توفي في حدود الستين وخمسمائة.
قال: فقال الخبوشاني: لا يكون صديق وزنديق في موضع واحد. وجعل ينبش ويرمي عظامه وعظام الموتى الذين حوله، فشد الحنابلة عليه وتألبوا، وصار بينهم حملات حربية، وزحفات إفرنجية، إلى أن غلبهم وبنى القبر والمدرسة، ودرس بها. وكان يركب الحمار، ويجعل تحته أكسية لئلا يصل إليه عرقه. وجاء الملك العزيز إلى زيارته وصافحته، فاستدعى بماء وغسل يده وقال: يا ولدي إنك تمسك العنان، ولا يتوقى الغلمان عليه. فقال: اغسل وجهك، إنك بعد المصافحة لمست وجهك. فقال: نعم. وغسل وجهه.
(٢٨٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 275 276 277 278 279 280 281 282 283 284 285 ... » »»