يعقوب وضايقها، وقطع أشجارها، وحاصرها مدة. ثم خاف المسلمون البرد وزيادة النهر، فأشاروا على أبي يعقوب بالرجوع فوافقهم.
وقال: غدا فرحل. فكان أول من قوض خباءه أبو الحسن علي بن القاضي عبد الله المالقي، وكان خطيبهم. فلما رآه الناس قوضوا أخبيتهم ثقة به لمكانه، فعبر تلك العشية أكثر العسكر النهر، وتقدموا خوف الزحام، وبات الناس يعبرون الليل كله، وأبو يعقوب لا علم له بذلك. فلما رأى الروم عبور العساكر، وأخبرهم عيونهم بالأمر، انتهزوا الفرصة وخرجوا وحملوا على الناس، فانهزموا أمامهم حتى بلغوا إلى مخيم أبي يعقوب، فقتل على باب المخيم خلق من أعيان الجند، وخلص إلى أمير المؤمنين، فطعن تحت سرته طعنة مات منها بعد أيام يسيرة.
وتدارك الناس، فانهزم الروم إلى البلد، وقد قضوا ما قضوا، وعبر الموحدون بأبي يعقوب جريحا في محفة، وتهدد ابن المالقي فهرب بنفسه حتى دخل مدينة شنترين، فأكرمه ابن الربق.) وبقي عنده إلى أن تهيأ له أمر، فكتب إلى الموحدين يستعطفهم ويتقرب إليهم بضعف البلد، ويدلهم على عورته. وقال لابن الربق: إني أريد أن أكتب إلى عيالي بإكرام الملك لي. فأذن له، فعثر على كتابه فأحضره وقال: ما حملك على هذا مع إكرامي لك فقال: إن ذلك لا يمنعني من النصح لأهل ديني. فأحرقه.
ولم يسيروا بأبي يعقوب إلا ليلتين أو ثلاثا حتى مات.
وأخبرني مكن كان معهم أنه سمع في العسكر النداء للصلاة على جنازة رجل، فصلى الناس قاطبة لا يعرفون على من صلوا. وصبروه وبعثوا به في تأبوت مع كافور الحاجب إلى تيتملل، فدفن هناك مع أبيه وابن تومرت.
مات في سابع رجب، وأخذ البيعة لابنه يعقوب عند موته، فبايعوه.
وفيها ولد: