تاريخ الإسلام - الذهبي - ج ٣٨ - الصفحة ٢٦٥
يخبره. فلما كان في آخر سنة ثلاث وخمسين تهيأ عبد المؤمن لتونس، وسار حتى نازلها، ثم افتتحها عنوة، وفصل عنها إلى المهدية، وبها النصارى أصحاب ابن الدوقة، وهي له، ولكن نائبه بها يحيى بن حسن بن تميم بن المعز بن باديس، فحاصرها عبد المؤمن أشد الحصار، لأنها حصينة إلى الغاية.
بلغني أن عرض سورها ممر ستة أفراس، وأكثرها في البحر، فكانت الأمداد تأتيها في البحر من صقلية. فأقام يحاصرها سبعة أشهر، فنقل ابن الأثير: نازل عبد المؤمن المهدية، فكانت الفرنج تخرج شجعانهم لقتال العسكر ويعودون، فأمر ببناء سور من غربيها، وأحاط أسطوله بالبحر، وركب عبد المؤمن في شيني، ومعه الحسن بن علي بن باديس الذي كان صاحبها، وأخذتها الفرنج منه من سنوات، فطاف بها في البحر، فهال عبد المؤمن ما رأى من حصانتها، وعرف أنها لا تؤخذ بقتال، وليس إلا المطاولة، فأمر بجلب الأقوات، وترك القتال، فلم يمض إلا أيام حتى صار في العسكر كالجبلين من القمح والشعير، وكان من يجيء من بعيد يقول: متى حدثت هذه الجبال فيقال: إنما هي غلة. وتمادى الحصار. وفي مدته أخذ بالأمان سفاقس، وبلد طرابلس، وقصور إفريقية، وافتتح قابس بالسيف. وكانت عساكره تغير. وجاءت جيوش صاحب صقلية، لعنه الله، فكانت مائتين وخمسين شينيا، فنصر الله عليهم أسطول عبد المؤمن.
قال عبد المؤمن: قال عبد الواحد: واشتد على جيشه الغلاء. بلغني عن غير واحد أنهم اشتروا سبع باقلات بدرهم مؤمني، وهو نصف درهم...، ثم افتتحها بعد أن أمن النصارى على أن يلحقوا بصقلية. ثم جهز إلى قابس من افتتحها، ثم افتتح طرابلس الغرب. وأرسل إلى توزر وبلاد الجريد، فافتتحت كلها، وأخرج الفرتج منها وألحقهم ببلادهم،
(٢٦٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 260 261 262 263 264 265 266 267 268 269 270 ... » »»