تاريخ الإسلام - الذهبي - ج ٣٧ - الصفحة ٢٨٩
رحمة. ولكن فروا من شرار نار اقتدح من زناد الغضب.
ثم قال: ما لكم لا تعجبون، ما لكم لا تطربون فقال قائل: وترى الجبال تحسبها جامدة وهي تمر مر السحاب.
فقال: التمالك عن المرح عند تملك الفرح قدح في القرح.
قال ابن الجوزي: وكان مثل هذا الكلام المستحسن يندر في كلامه، وإنما كان الغالب على كلامه ما ليس تحت كبير معنى. وكتب ما قاله في مدة جلوسه، فكان مجلدات كثيرة. ترى المجلد من أوله إلى آخره، ليس فيه خمس كلمات كما ينبغي، وسائرها لا معنى له. وكان يترسل بين السلطان والخليفة، فتقدم إليه أن يصلح بين ملكشاه بن محمود وبين بدر الجوهري، فمضى وأصلح بينهما، وحصل له منهما مال كثير، فأدركه أجله في تلك البلدة، فمات في سلخ ربيع الآخر بعكسر مكرم. وحمل إلى بغداد ودفن في دكة الجنيد. ورثه ولده، ثم توفي، وعادت الأموال التي جمعها للسلطان. وفي ذلك عبرة.
وقال ابن السمعاني: لم يكن له سيرة مرضية، ولا طريقة جميلة. سمعت من أثق به، وهو الفقيه حمزة بن مكي الحافظ ببروجرد قال: كنت معه بأذربيجان، وبقينا مدة، فما رأيته صلى العشاء الآخرة. كان إذا أحضر السماع، وأرادوا أن يصلوا يقول: الصلاة بعد السماع. فإذا فرغوا السماع كان ينام.
ولما توفي حكى لي بعضهم أنه وجد في كتبه رسالة بخطه في إباحة الخمر.) وقال ابن النجار: من وعظه قوله: لا تظنوا أن الحيات تجيء إلى القبور من خارج. إنما أفعالكم أبقى لكم، وحياتكم ما أكلتم من الحرام أيام حياتكم.
وعاش ستا وخمسين سنة.
(٢٨٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 284 285 286 287 288 289 290 291 292 293 294 ... » »»