تاريخ الإسلام - الذهبي - ج ٣٧ - الصفحة ٢٨٧
النفس، فرق مملكته على أصحابه، ولم يكن له من السلطنة غير الاسم، ومع هذا فما ناوأه أحد إلا وظفر به. وقتل خلقا من كبار الأمراء، ومن جملة من قتل الخليفتين المسترشد والراشد، لأنه وقع بينه وبين المسترشد وحشة قبل استقلاله بالملك، فلما استقل استطال نوابه على العراق، وعارضوا الخليفة في أملاكه، فتجهز وخرج لمحاربته، وكان السلطان مسعود بهمذان، فجمع جيشا عظيما،) وخرج للقائه، فتصافا بقرب همذان، فكسر جيش الخليفة وانهزموا، وأسر الخليفة في طائفة من كبار أمرائه، وأخذه مسعود أسيرا، وطاف به معه في بلاد أذربيجان، فقتل على باب مراعة كما ذكرنا.
ثم أقبل مسعود على اللهو واللذات، إلى أن حدث له علة القيء والغثيان، واستمر به ذلك إلى أن مات في جمادى الآخرة. ثم حمل إلى إصبهان ودفن.
وعاش خمسا وأربعين سنة.
قال ابن الأثير: كان كثير المزاح، حسن الأخلاق، كريما، عفيفا عن أموال الرعية، من أحسن السلاطين سيرة، وألينهم عريكة.
قلت: وجرت بينه وبين عمه سنجر منازعة، ثم تهادنا، وخطب له بعد عمه ببغداد قبل سنة ثلاثين.
وقد أبطل في آخر أيامه مكوسا كثيرة، ونشر العدل.
وقد استقل بدست الخلافة في أيام المقتفي، واتسع ملكه، ودانت له الأمم. وكان فيه خير في الجملة وميل إلى العلماء والصلحاء، وتواضع لهم.
قال ابن النجار: أنا محمد بن سعيد الحافظ، أنبأنا علي بن محمد النيسابوري، أنا السلطان مسعود، أنا أبو بكر الأنصاري، فذكر حديثا من جزء الأنصاري.
قال أبو سعد السمعاني: كان بطلا، شجاعا، ذا رأي وشهامة، تليق به السلطنة. سمعه علي بن الحسن الغزنوي الواعظ من القاضي أبي بكر.
(٢٨٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 282 283 284 285 286 287 288 289 290 291 292 ... » »»