وتفقه عندهم. ثم صدر عن بغداد، ولقي بمصر، والإسكندرية جماعة، فاستفاد منها، وعاد إلى بلده سنة ثلاث وتسعين بعلم كثير لم يدخله أحد قبله ممن كانت له رحلة إلى المشرق.
وكان من أهل التفنن في العلوم، والاستبحار فيها، والجمع لها، مقدما في المعارف كلها، متكلما في أنواعها، نافذا في جميعها، حريصا على آدابها ونشرها، ثاقب الذهن في تمييز الصواب) منها. يجمع إلى ذلك كله آداب الأخلاق مع حسن المعاشرة، ولين الكنف، وكثرة الاحتمال، وكرم النفس، وحسن العهد، وثبات الود. واستفتي ببلده، فنفع الله به أهلها لصرامته وشدته، ونفوذ أحكامه.
وكانت له في الظالمين سورة مرهوبة. ثم صرف عن القضاء، وأقبل على نشر العلم وبثه.
قرأت عليه، وسمعت منه بإشبيلية، وقرطبة كثيرا من روايته وتواليفه.
وتوفي بالعدوة، ودفن بفاس في ربيع الآخر.
قال ابن عساكر: سمع أبا الفتح نصر بن إبراهيم المقدسي، وأبا الفضل بن الفرات، وأبا البركات أحمد بن طاوس، وجماعة.
وسمع ببغداد: نصر بن البطر، وأبا طلحة النعالي، وطراد بن محمد.
وسمع ببلده من خاله الحسن بن عمر الهوزني، يعني المذكور سنة اثنتي عشرة.
قلت: ومن تصانيفه: كتاب عارضة الأحوذي في شرح الترمذي، وكتاب التفسير في خمس مجلدات كبار، وغير ذلك من الكتب في الحديث، والفقه، والأصول.