تاريخ الإسلام - الذهبي - ج ٣٥ - الصفحة ٣٥١
أنبئت عن حماد الحراني قال: سمعت السلفي يقول: ما رأت عيني مثل الشيخ أبي الوفاء بن عقيل الفقيه. ما كان أحد يقدر أن يتكلم معه لغزارة علمه، وحسن إيراده، وبلاغه كلامه، وقوة حجته. ولقد تكلم يوما مع شيخنا أبي الحسن إلكنا في مسألة، فقال له شيخنا: هذا ليس بمذهبك.
فقال له أبو الوفاء: أكون مثل أبي علي الجبائي، وفلان، وفلان لا أعلم شيئا أنا لي اجتهاد، حتى ما طالبني خصم بحجة، كان عندي ما أدفع به عن نفسي وأقوم له بحجتي.
فقال شيخنا: كذلك الظن بك.
قلت: وكان إماما مبرزا، مناظرا، كثير العلم، له يد طولى في علم الكلام. وكان يتوقد ذكاء. له كتاب الفنون لم يصنف في الدنيا أكبر منه. حدثني من رأى المجلد الفلاني بعد الأربعمائة يحكي فيه بحوثا شريفة ومناظرات وتواريخ ونوادر، وما قد وقع له.
قال رحمه الله: عصمني الله في شبابي بأنواع من العصمة، وقصر محبتي على العلم، وما خالطت لعابا قط، ولا عاشرت إلا أمثالي من طلبه العلم، وأنا في عشر الثمانين، أجد من الحرص على العلم أسند ما كنت أجده وأنا ابن عشرين، وبلغت لاثنتي عشرة سنة. وأنا اليوم لا أرى نقصا في الخاطر والفكر والحفظ، وحدة النظر بالعين لرؤية الأهلة الخفية، إلا أن القوة ضعيفة.
(٣٥١)
مفاتيح البحث: الحج (1)، الظنّ (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 346 347 348 349 350 351 352 353 354 355 356 ... » »»