تاريخ الإسلام - الذهبي - ج ٣٣ - الصفحة ٨٠
قال ابن طاهر: كان شيخنا الحبال لا يخرج أصله من يده إلا بحضوره، يدفع الجزء إلى الطالب، فيكتب منه قدر جلوسه، فإذا قام أخذ الأصل منه. وكان له بأكثر كتبه عدة نسخ، ولم أر أحدا أشد أخذا منه، ولا أكثر كتبا منه.
وكان مذهبه في الإجازة أن يقدمها على الإخبار.
يقول: أجاز لنا فلان، أنا فلان، ولا يقول: أنا فلان إجازة.
يقول: ربما تترك إجازة، فيبقى إخبارا، فإذا ابتدئ بها، ولم يقع الشك، فيه.
وسمعته يقول: خرج أبو نصر السجزي الحافظ على أكثر من مائة شيخ، لم يبق منهم غيري.
قال ابن طاهر: كان قد خرج له عشرين جزءا في وقت الطلب، وكتبها في كاغد عتيق، فسألت الجبال عن الكاغد، فقال: هذا من الكاغد الذي كان يحمل إلى الوزير من سمرقند، وقعت إلي) من كتبه قطعة، فكنت إذا رأيت ورقة بيضاء قطعتها، إلى أن اجتمع هذا القدر، فكنت أكتب فيه هذه الفوائد.
قال ابن طاهر: لما دخلت مصر قصدت الحبال، وكان قد وصفوه لي بحليته وسيرته، وأنه يخدم نفسه، فكنت في بعض الأسواق لا أهتدي إلى أين أذهب. فرأيت شيخنا على الصفة التي وصف بها الحبال، واقفا على دكان عطار، وكميه ملأى من الحوائج. فوقع في نفسي أنه هو، فلما ذهب سألت العطار: هذا من الشيخ فقال: وما تعرفه، هذا أبو إسحاق الحبال.
فتبعته وبلغته رسالة سعد بن علي الزنجاني، فسألني عنه، وأخرج من جيبه جزءا صغيرا، فيه الحديثان المسلسلان اللذان كان يرويهما. أحدهما. وهو أول وهو أول حديث سمعته منه.
فقرأهما علي وأخذت عليه الموعد كل يوم في عمرو بن العاص إلى أن خرجت رحمه الله.
(٨٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 75 76 77 78 79 80 81 82 83 84 85 ... » »»