قال محمد بن عبد الوهاب: وأهدى أبو يوسف لنظام الملك أربعة أشياء ما لأحد منها: غريب الحديث لإبراهيم الحربي في عشر مجلدات بخط أبي عمر بن حيويه، و شعر الكميت في ثلاث عشرة مجلدات بخط أبي منصور، و عهد القاضي عبد الجبار بن أحمد بخط الصاحب) بن عباد وإنشائه، فسمعت أبا يوسف يقول: كان سبعمائة سطر، كل سطر في ورقة سمرقندي، وله غلاف آبنوس يطبق كالأسطوانة الغليظة، وأهدى له مصحفا بخط منسوب واضح، وبين الأسطر القراءات بالحمرة، وتفسير غريبه بالخضرة، وإعرابه بالزرقة، وكتب بالذهب علامات على الآيات التي تصلح للانتزاعات في العهود، والمكاتبات، والتعازي، والتهاني، والوعيد.
فأعطاه نظام الملك ثلاثمائة دينار. فسمعت من يسأل أبا بويف عند نظام الملك فقال: أعطيته أكثر مما أعطاني، وإنما رضيت منه بالإكرام، وغدرته حين قال: ليس عندي حلال لا شبهة فيه سوى هذا القدر.
وسئل عنه المؤتمن الساجي فقال: قطعته رأسا لما كان يتظاهر به من خلاف الطريق.
وقال محمد بن عبد الملك في تاريخه: كان أبو يوسف فصيح العبارة، حلو الإشارة، يحفظ غرائب الحكايات والأخبار. وكان زيدي المذهب، وفسر بمصر القرآن في سبعمائة مجلد كبار.
قلت: وقد دخل عليه الإمام أبو حامد الغزالي، وجلس بين يديه، فسأله: من أين أنت فقال: من المدرسة ببغداد.
وقال الغزالي: علمت أنه ذو اطلاع ومعرفة، فلو قلت أنني من طوس، لذكر ما يحكى عن أهل طوس من التغفيل، من أنهم توسلوا إلى المأمون بقبر أبيه، وكونه عندهم، وطلبوا منه أن يحول الكعبة، وينقلها إلى عندهم: وأنه جاء عن بعضهم أنه سئل عن نجمه، فقال بالتيس. فقيل له في ذلك، فقال: من