تاريخ الإسلام - الذهبي - ج ٣٣ - الصفحة ١٤٤
يصلح من شأنه، وأخذ في اصطناعه، وإنما أراد) بسؤاله اختباره، فإن عي في اللسان، وأعيى: تعب.
وروي عن عبد الله الساوجي أن نظام الملك استأذن ملكشاه في الحج، فأذن له، وهو إذ ذاك ببغداد، فعبر الجسر، وهو بتلك الآلات والأقمشة والخيام، فأردت الدخول عليه، فإذا فقير تلوح عليه سيماء القوم فقال لي: يا شيخ، أمانة ترفعها إلى الوزير، قلت: نعم: فأعطاني ورقة، فدخلت بها، ولم أفتحها فوضعتها بين يدي الصاحب، فنظر فيها وبكى بكاء كثيرا، حتى ندمت وقلت في نفسي: ليتني نظرت فيها.
فقال لي: أدخل علي صاحب الرقعة. فخرجت فلم أجده، وطلبته فلم أره، فأخبرت الوزير، فدفع إلي الرقعة، فإذا فيها: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في المنام فقال لي: اذهب إلى حسن، وقل له: أين تذهب إلى مكة حجك هنا: أما قلت لك أقم بين يدي هذا التركي، وأغث أصحاب الحوائج من أمتي.
فبطل النظام الحج، وكان يود أن يرى ذلك الفقير.
قال: فرأيته يتوضأ ويغسل خريقات، فقلت: إن الصاحب يطلبك.
فقال: ما لي وله: إنما كان عندي أمانة أديتها.
قال ابن الصلاح: كان الساوجي هذا شيخ الشيوخ، نفق على النظام حتى أنفق عليه وعلى الفقراء باقتراحه في مدة يسيرة قريبا من ثمانين ألف دينار.
رجعنا إلى تمام الترجمة:
(١٤٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 139 140 141 142 143 144 145 146 147 148 149 ... » »»