بالقراء والفقهاء، أمر ببناء المدارس في الأمصار، ورغب في العلم كل أحد.
سمع الحديث، وأملى في البلاد، وحضر مجلسه الحفاظ.
وابتداء حاله أنه كان من أود الدهاقين بناحية بيهق وأن أباه كان يطوف به على المرضعات قيرضعنه حسبة، فنشأ، وساقه التقدير إلى أن علق بشيء من العربية وقاده ذلك إلى الشروع في رسوم الاستيفاء وكان يطوف في مدن خراسان فوقع إلى غزنة في صحبة بعض المتصرفين ووقع في شغل أبي علي بن شاذان المعمد عليه ببلخ من جهة الأمير جغري حتى حسن حاله عند يومئذ، فنصبه السلطان مكان لبن شاذان وصار وزيرا له، فاتفق وفاة السلطان طغربلتك ولم يكن له من الأود من يقوم بالأمر، فتوجه الأمر إلى ألب أرسلان، وتعين للملك، وخطب له على منابر خراسان، والرعاق، وكان نظام الملك يدبر أمره، فجرى على يده من الرسوم المستحسنة ونفي الظلم، وإسقاط المؤن، وحسن النظر في أمور الرعية، ورتب أمور الدواوين أحسن ترتيب، وأخذ في بذل الصلات وبناء المدارس والمساجد والرباطات، إلى أن انقضت مدة السلطان ألب أرسلان في سنة خمس وساين، وطلع نجم الدول الملكشاهية وظهرت كفاية نظام الملك في دفع الخصوم حتى توطدت أسباب الدولة، فصار الملك حقيقة لنظامه، ورسما للسلطان ملكشاه بن ألب أرسلان، واستمر على ذلك عشرين سنة.
وكان صاحب أناة وحلم وصمت، ارتفع أمره، وصار سيد الوزراء من سنة خمس وخمسين وإلى حين وفاته.
حكى القاضي أبو العلاء الغزنوي في كتاب سر السرور: أن نظام الملك صادف في السفر رجلا في زي العلماء، قد مسه الكلال، فقال له: أيها الشيخ، أعييت أم عييت فقال: أعييت يا مولانا. فتقدم من حاجبه أن يركبه جنبيا، وأن