تاريخ الإسلام - الذهبي - ج ٣١ - الصفحة ٢٢٨
أمره واستفحل شأنه لعدم نظرائه وانتشر ذكره وتهيبته أمراء العرب والعجم ودعي له على المنابر وجبي له الأموال وخرب القرى. ولم يكن القائم يقطع أمرا دونه. ثم صح عنده سوء عقيدته وشهد عنده جماعة أن البساسيري عرفهم وهو باسط عزمه على نهب دار الخلافة والقبض على أمير المؤمنين فكاتب الخليفة أبا طالب محمد بن ميكال سلطان الغز المعروف بطغرلبك وهو بالري يستنهضه في القدوم. ثم أحرقت دار البساسيري.
وقدم طغرلبك في سنة سبع وأربعين فذهب البساسيري إلى الرحبة وتلاحق به خلق من الأتراك وكاتب صاحب مصر فأمده بالأموال.
ثم خرج طغرلبك بعد سنتين إلى نصيبين ومعه أخوه ينال في سنة خمسين فخالف عليه أخوه وسار بجيش عظيم وطلب الري وكان البساسيري قد كاتبه وأطمعه بمنصب أخيه طغرلبك فسار طغرلبك في إثر أخيه فتفرقت عساكره وتواقع هو وأخوه بهمذان فظهر عليه ينال وحصره بهمذان. فعزم الوزير الكندري والخاتون زوجة طغرلبك وابنها على نجدة طغرلبك فاضطرب أمر بغداد وأرجفوا بمجيء البساسيري فبطل عزم الوزير فهمت خاتون بالقبض عليه وعلى ابنها ففرا إلى الجانب الغربي وقطعوا الجسر فنهبت دورهما ومضت هي بجمهور الجيش نحو همذان وخرج ابنها والوزير نحو الأهواز: فلما كان في ذي القعدة رحل البساسيري إلى الأنبار ولم يحضر الخطيب يوم الجمعة ونزلوا من المئذنة فأخبروا أنهم رأوا عسكر البساسيري. وصلى الناس ظهرا.
ثم ورد من الغد من عسكره مائتا فارس فلما كان يوم الأحد دخل البساسيري بغداد ومعه الرايات المصرية فضرب مخيمه على دجلة وأجمع أهل الكرخ والعوام من الجانب الغربي على مضافرة البساسيري. وكان قد جمع العيارين وأهل الرساتيق وأطمعهم في نهب دار الخليفة والناس إذ ذاك في قحط وبقي القتال كل يوم بين الفريقين في السفن فلما كان يوم الجمعة المقبلة دعي لصاحب مصر بجامع المنصور وزيد في الأذان بحي على خير
(٢٢٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 223 224 225 226 227 228 229 230 231 232 233 ... » »»