فأجابهم وتهيأ للقتال، وخرجوا إلى قتال يحيى، فركب إليهم وهو سكران، فقتل يحيى وهو سكران، وعظم أبو القاسم في النفوس وبايعوه، واستعان بالوزير أبي بكر محمد بن الحسن الزبيدي، وعيسى بن حجاج الحضرمي وعبد الله بن علي الهوزني، فدبروا أمر إشبيلية أحسن تدبير ولقبوه الظافر المؤيد بالله، ثم أنه ملك قرطبة وغيرها. واتسع سلطانه.
وقضيته مشهورة مع الشخص الذي زعم أنه هشام المؤيد بالله بن الحكم الأموي، الذي كان المنصور محمد بن أبي عامر حاجبه.
انقطع خبر المؤيد بالله هذا أكثر من عشرين سنة، وجرت أحوال وفتن في هذه السنوات، فلما تملك القاضي أبو القاسم بن عباد قيل له إن هشام بن الحكم أمير المؤمنين بقلعة رياح في) مسجد، فأحضره ابن عباد وبايعه بالخلافة، وفوض إليه، وجعل ابن عباد نفسه كالوزير بين يديه.
قال الأمير عزيز: استولى القاضي محمد بن إسماعيل على الأمر سنة أربع وعشرين، وحسده أمثاله وكثر الكلام فيه، وقالوا: قتل يحيى بن علي الحسني الإدريسي من أهل البيت. وقتل يحيى بن ذي النون ظلما.
واتسع القول فيه، وهو في خلال ذلك مفكرا فيما يفعله إذ جاءه رجل من قرطبة، فقال: رأيت هشاما المؤيد بالله في قلعة رباح، وكان ذلك الرجل يعرفه من مدة، فقال: انظر ما تقول. قال: أين والله رأيته، وهو هشام بلا شك.
وكان عند القاضي عبد اسمه تومرت، كان يقوم على رأس هشام، فقال له: إذا رأيت مولاك تعرفه قال: نعم، ولا أنكره ولي فيه علامات.
فأرسل رجلا مع الرجل، فوجداه في قلعة رباح في مسجد، فأعلماه أنهما رسولا القاضي بن عباد، فسار معهما إلى إشبيلية، فلما رآه مولاه تومرت قام وقبل رجليه وقال: مولاي والله.