تاريخ الإسلام - الذهبي - ج ٢٩ - الصفحة ٢٢٢
فاشتريته فإذا هو كتاب لأبي نصر الفارابي في أغراض كتاب ما بعد الحكة الطبيعية. ورجعت إلى بيتي وأسرعت قرأته، فانفتح علي في الوقت أغراض ذلك الكتاب. ففرحت وتصدقت بشيء كثير شكرا لله تعالى.
واتفق لسلطان بخارى نوح بن منصور مرض صعب، فأجرى الأطباء ذكري بين يديه، فأحضرت وشاركتهم في مداواته، وسألته الإذن في دخول خزانة كتبهم ومطالعته وقراءة ما فيها من الكتب وكتبها. فأذن لي فدخلت، فإذا كتب لا تحصى في كل فن. ورأيت كتبا لم تقع أسماؤها إلى كثير من الناس، فقرأت تلك الكتب وظفرت بفوائدها، وعرفت مرتبة كل رجل في علمه. فلما بلغت ثمانية عشر عاما من العمر فرغت من هذه العلوم كلها. وكنت إذ ذاك للعلم أحفظ، ولكنه معي اليوم أنضج، وإلا فالعلم واحد لم يتجدد لي بعده شيء.) وسألني جارنا الحسين العروضي أن أصنف له كتابا جامعا في هذا العلم، فصنفت له المجموع وسميته به، وأتيت فيه على سائر العلوم سوى الرياضي، ولي إذ ذاك إحدى وعشرون سنة.
وسألني جارنا الفقيه أبو بكر البرقي الخوارزمي، وكان مائلا إلى الفقه والتفسير والزهد، فسألني شرح الكتب له، فصنفت له كتاب الحاصل والمحصول في عشرين مجلدة أو نحوها.
وصنفت له كتاب البر والإثم، وهذا ن الكتابان لا يوجدان إلا عنده، ولم يعرهما أحدا.
(٢٢٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 217 218 219 220 221 222 223 224 225 226 227 ... » »»