تاريخ الإسلام - الذهبي - ج ٢٩ - الصفحة ٢١٦
سمعت أبا طالب علي الحسني: سمعت حسان بن محمد بن زيد بقرميسين: سمعت نضر بن عبد الله قال: اجتمعت وأنا وجعفر الأبهري ورجل بزاز عند الشيخ بدران بن جشمين، فسألناه أن يرينا أنفسنا. فأصعدنا إلى غرفة وشرط علينا أن لا يخدم بعضنا بعضا، وكان يناول كل منا كوزا، فبقينا سبعة عشر يوما، فشكا البزاز الجوع، فقال له: انزل فقد رأيت نفسك. فلما اثنين وعشرين يوما سقطت أنا ولم أدر، فقال: هذا صفر مر، اشتغل فقد رأيت نفسك.
وبقي جعفر أربعين يوما، فجمع له الشيخ بدران الناس لإفطاره، فلما وضع المائدة قام جعفر وقال: اعفني من الطعام فما بي جوع. وصعد إلى الغرفة أيضا عشرة أيام، ثم شكا الجوع فجمع الناس لإفطاره، ثم قال: من أين علمت أنك لم تكن جائعا في الأول.
قال: لأني لما رأيت الخبز الحواري والخشكار على الخوان فكنت أفرق بينهما، فلو كان بي جوع لما ميزت بين الطعامين.
قال أبو طالب: فذكرت هذه الحكاية لجعفر، فكان يلبس علي أمرها ويضرب الحديث بعضه بعض إلى أن تحققت صدق الحكاية في تضاعيف كلامه.
قال شيرويه: وسمعت محمد بن الحسين يقول: سمعت جعفر يقول: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في المنام تسع عشرة مرة في مسجدي هذا، فكان يوصيني كل مرة بوصية، فقال لي في الكرة الأولى: يا جعفر، لا تكن رأس، أبي لا تمش قدام الناس.
سمعت أبا يعقوب الوراق: سمعت عبد الغفار بن عبيد الله الإمام يقول: قال جعفر الأبهري: كان شيخ لنا بأبهر يقرأ شيئا على كل مريض فيبرأ، فإذا سأله الناس عنه لم يخبرهم. فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في النوم فقال: أن الذي يقرأ شيخك على الناس: وما لنا إلا نتوكل على الله إلى أخر الآية.
(٢١٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 211 212 213 214 215 216 217 218 219 220 221 ... » »»