واضطرت الأعراب إلى أكل مواشيهم، ثم أولادهم، حتى كان الواحد يعاوض بولده ولد غيره لئلا تدركه رقة إذا ذبحه.
4 (انقضاض كوكب آخر)) وفي شوال انقض ليلة الاثنين كوكب أضاءت منه الأرض، وارتاع له العالم، وكان في شكل الترس، ولم يزل يقل حتى اضمحل.
4 (سكر جلال الدولة)) وفي شوال سكر جلال الدولة ونزل من داره في سميرية متنكرا إلى دار الخلافة، ومعه ثلاثة، وصعد إلى بستان، ورمى بعض معيناته القصب، ودخل منه، وجلس تحت شجرة، واستدعى نبيذا يشربه، وزمر الزامر. فعرف الخليفة ذلك، فشق عليه وأزعجه. ثم خرج إليه القاضي ابن أبي موسى، والحاجب أبو منصور بن بكران، فحدثاه ووقفا بين يديه وقالا: قد سر الخليفة بقرب مولانا وانبساطه، وأما النبيذ والزمر فلا ينبغي.
فلم يقبل ولا امتنع وقال: قل لأمير المؤمنين: أنا عبدك، وقد حصل وزيري أبو سعد في دارك، ووقف أمري بذلك فأريد أتسلمه.
وأخذوا يدارونه حتى نزل في زبزبة، وأصعد إلى دار المملكة. واجتمع خلق من الناس على دجلة.
4 (تهديد الخليفة بالانتقال)) فلما كان من غد استدعى الخلفية المختص أبا غانم، وأبا الوفاء القائد وقال: إنا قد عرفنا ما جرى أمس، وإنه أمر زاد عن الحد وتناهى في القبح واحتملناه. وكان الأولى لجلال الدولة إن يتنزه عن فعله وينزهنا عن مثله. في كلام طويل. فإن سلك معنا الطريقة المثلى، وإلا فارقنا هذا البلد ودبرنا أمرنا.
فقبلا الأرض ومضيا إلى الملك، فركب بعد ذلك ف زبزبة، وأشعر الخليفة بحضوره) للاعتذار، فنزل إليه عميد الرؤساء وخدم، وقال: تذكر حضوري للخدمة واعتذاري. فرجع الجواب بقبول العذر.