تاريخ الإسلام - الذهبي - ج ٢٨ - الصفحة ١٦٩
وقد ولي وزارة بغداد في أيام القادر بالله، فأثر بها أثار حسنة، وعم بإحسانه وجوده الخاص والعام. وعمر البلاد، ونشر العدل والإحسان. قتل مظلوما، وقد مدحه غير واحد. ولد فخر الملك بواسط في ربيع الآخر سنة أربع وخمسين وثلاثمائة وتنقلت به الأحوال حتى ولي الوزارة، وقد كان قد جمع بين الحلم والكرم والرأي.
قال أبو جعفر بن المسلم: كنت مع أبي عند فخر الملم أبي غالب وقد رفعت إليه سعاية برجل، فوقع فيها: السعاية قبيحة ولو كانت صحيحة. فإن كنت مهتوك في مستور، ولولا أنك في خفارة شيبك لعاملناك بما يشبه مقالك، ويردع أمثالك. فاكتم هذه المقالة والعيب، واتق من يعلم الغيب. ثم إن فخر الملك أمر أن تطرح في المكاتب وتعلم الصبيان، يعني هذه الكلمات.) وقد ذكره هلال بن المحسن في كتاب الوزراء من جمعه، فأسهب في وصفه. وأطنب وطول ترجمته. وكان أبوه صيرفيا بديوان واسط، فنشأ فخر الملك في الديوان، وكان يتعانى الكرم والمروءة في صغره، وله نفس أبيه، وأخلاق سنية، فكان أهله يلقبونه بالوزير الصغير. فلم يلبث أن ولي مشارفة بعض أعمال واسط، وتخادم لبهاء الدولة بفارس، وجرت على يده فتوحات. وتوفي أبو علي الحسن بن أستاذ هرمز، فولي أبو غالب وزارة العراق في آخر سنة إحدى وأربعمائة، ومدحه الشعراء. فلم يزل حاكما عليها حتى أمسك بالأهواز في ربيع الأول وقتل. وكان رحمه الله طلق الوجه، كثير البشر، جوادا، تنقل في الأعمال جليلها وصغيرها.
وكان إليه المنتهى في الكفاية والخبرة وتنظيم الأمور. يوقع أحسن توقيع وأسده وألطفه. ويقوم بعد الكد والنصب وهو ضاحك، ما تبين عليه
(١٦٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 164 165 166 167 168 169 170 171 172 173 174 ... » »»