تاريخ الإسلام - الذهبي - ج ٢٧ - الصفحة ٣٨٩
ابن ذكوان يحرض على قتاله، ويقول عن شنشول: هو كافر. وكان قد استعان بعسكر من الفرنج وقام معه ابن عومس القومص، فسار إلى قرطبة، وأخذ أمر ابن عبد الجبار يقوى، وأمر شنشول يضعف، وأصحابه تتسحب عنه، فقال له القومص: ارجع بنا قبل أن يدهمنا العدو، فأبى، ومال إلى دير شريس، جوعان سهران، فنزل له الراهب بخبز ودجاجة، فأكل وشرب وسكر، وجاء لحربه حاجب المهدي في خمسمائة فارس، فجدوا في السير وقبضوا عليه، فقال: أنا في طاعة المهدي، وظهر منه جزع وذل، وقبل قدم الحلجب، ثم ضرب عنق شنشول، ونودي عليه هذا شنشول المأبون المخذول.
قال الحميدي: قام على المهدي في شوال سنة تسع وتسعين ابن عمه هشام بن سليمان بن الناصر الأموي، مع البربر، فحاربه، ثم انهزمت البربر، وأسر هشام، فضرب المهدي عنقه.
وقال غيره: لما استوسق الأمر لابن عبد الجبار المهدي، أظهر من الخلاعة أكثر مما فعله شنشول، وأربى عليه في الفساد، وأخذ الحرم، وعمد إلى نصراني يشبه المؤيد بالله، فقصده حتى مات، وأخرجه إلى الناس، وقال: هذا هشام، وصلى عليه، ودفنه.
وفي رمضان وصل إلى ابن عبد الجبار رسول صاحب طرابلس المغرب، فلفل بن سعيد الزناتي، داخلا في الطاعة، ويسأل إرسال سكة يضرب بها الذهب على اسمه، كل ذلك ليعينه على باديس ابن المنصور، فخرج باديس، واخذ طرابلس، وكتب إلى عمه حماد في إغراء القبائل على ابن عبد الجبار.) وكان ابن عبد الجبار بخذلانه قد هم بالغدر، بالبربر الذين حوله، وصرح بذلك لجهله، فنم عليه بسببه هشام بن سليمان بن الناصر لدين الله، وحرضهم على خلعه، فقتلوا وزيريه محمد ابن دري وخلف بن طريف، وثار الهيج، واجتمع لهشام عسكر، وحرقوا السراحين، وعبروا
(٣٨٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 384 385 386 387 388 389 390 391 393 394 395 ... » »»