تاريخ الإسلام - الذهبي - ج ٢٦ - الصفحة ٣١١
كان مع الرجل عشرة أسهم وجب أن يرمي في الروم سهما وفينا سبعة، فقال: ما قلت هكذا، فظن أنه يرجع عن قوله، فقال: كيف قلت قال: قلت: إذا كان معه عشرة وجب أن يرميكم بتسعة، ويرمي العاشر فيكم أيضا، فإنكم قد غيرتم الملة، وقتلتم الصالحين، وادعيتم أمور الإلهية، فشهره ثم ضربه، ثم أمر يهوديا بسلخه.
وقال هبة الله بن الأكفاني: سنة ثلاث وستين توفي العبيد الصالح الزاهد أبو بكر بن النابلسي، كان يرى قتال المغاربة يعني بني عبيد، وكان قد هرب من الرملة إلى دمشق، فقبض عليه متوليها أبو محمود الكتامي، وحبسه في رمضان، وجعله في قفص خشب، وأرسله إلى مصر، فلما وصلها قالوا له: أنت الذي قلت: لو أن معي عشرة أسهم لرميت تسعة في المغاربة وواحدا) في الروم، فاعترف بذلك، فأمر أبو تميم بسلخه فسلخ، وحشي جلده تبنا، وصلب.
وقال معمر بن أحمد بن زياد الصوفي: إنما حياة السنة بعلماء أهلها والقائمين بنصرة الدين، لا يخافون غير الله، ولو لم يكن من غربة السنة إلا ما كان من أمر أبي بكر النابلسي لما ظهر المغربي بالشام واستولى عليها، فأظهر الدعوة إلى نفسه، قال: لو كان في يدي عشرة أسهم كنت أرمي واحدا إلى الروم وإلى هذا الطاغي تسعة، فبلغ المغربي مقاتله، فدعاه وسأله، فقال: قد قلت ذلك لأنك فعلت وفعلت، فأخبرني الثقة أنه سلخ من مفرق رأسه حتى بلغ الوجه، فكان يذكر الله ويصبر، حتى بلغ العضد، فرحمه السلاخ، فوكز السكين في موضع القلب، فقضى عليه وأخبرني الثقة أنه كان إماما في الحديث والفقه، صائم الدهر، كبير الصولة عند الخاصة والعامة، ولما سلخ كان يسمع من جسده قراءة القرآن، فغلب المغربي بالشام وأظهر المذهب الرديء، ودعا إليه، وأبطل التراويح وصلاة الضحى، وأمر بالقنوت في الظهر بالمساجد.
(٣١١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 306 307 308 309 310 311 312 313 314 315 316 ... » »»