فإذا فقير مكفوف في عباءة يقول: أشتهي تفاحة. فناولته إياهما. فلما عبرت وقع لي أن الشيخ إنما بعثهما إليه فرجعت فلم أجد الفقير. وقال أبو نعيم الحافظ: ثنا غير واحد ممن لقي أبا الخير يقول أن سبب قطع يده أنه كان عاهد الله أن لا يتناول لشهوة نفسه شيئا، فرأى يوما بجبل لكام شجرة زعرور، فأخذ منها غصنا قطعه وأكل من الزعرور، فذكر عهده فرماه. ثم كان يقول: قطعت عضوا من شجرة فقطع مني عضوا. وقال أبو ذر عبد بن أحمد الحافظ: سمعت ابن أبي الخير الأقطع بمصر يقول، وكان صالحا، وسألته: لم كان أبوه أقطع فذكر أنه كان عبدا أسود قال: فضاق صدري، فدعوت الله فأعتقت، فكنت أجيء إلى الإسكندرية فأحتطب وأتقوت بثمنه. وكنت أدخل المسجد وأقف على الحق. فسهل الله تعالى على لسانهم ما كنت أريد أن أسأل عنه فأحفظه وأعمل به فسمعت مرة حكاية يحيى بن زكريا عليه السلام وما عملوا به، فقلت في نفسي: إن الله ابتلاني بشيء في يدي صبرت. ثن خرجت إلى ثغر طرسوس، وكنت آكل المباحات، معي جحفة وسيف. وكنت أقاتل العدو مع الناس، فآواني الليل إلى غار، فقلت في نفسي: إني أزاحم الطير في أكل المباحات. فنويت أن لا آكل. فمررت بعد ذلك بشجرة، فقطعت منها شيئا، فلما أردت أ ن آكلها ذكرت فرميته. ثم دخلت المغارة، فإذا قوم لصوص، فلم نلبث أن جاء صاحب الشرطة، فدخل الغار فأخذهم وأخذني معهم.
(٤٨٦)