ثم إن الطرسوسيين قفلوا، ورجع العربان، ورجع سيف الدولة في مضيق صعب، فأخذت الروم عليه الدروب، وحالوا بينه وبين المقدمة، وقطعوا الشجر، وسدوا به الطرق، ودهدهوا الصخور في المضائق على الناس. والروم وراء الناس مع الدمستق يقتلون ويأسرون، ولا منفذ لسيف الدولة. وكان معه أربعمائة أسير من وجوه الروم فضرب أعناقهم، وعقر جماله وكثيرا من دوابه، وحرق الثقل، وقاتل قتال الموت، ونجا في نفر يسير. واستباح الدمستق أكثر الجيش، وأسر أمراء وقضاة. ووصل سيف الدولة إلى حلب، ولم يكد. ثم مالت الروم فعاثوا وسبوا، وتزلزل الناس، ثم لطف الله تعالى، وأرسل الدمستق إلى سيف الدولة يطلب الهدنة، فلم يجب سيف الدولة، وبعث يتهدده. ثم جهز جيشا فدخلوا بلاد الروم من ناحية حران، فغنموا وأسروا خلقا. وغزا أهل طرسوس أيضا في البر والبحر. ثم سار سيف الدولة من حلب إلى آمد، فحارب الروم وخرب الضياع، وانصرف سالما. وأما الروم، فإنهم احتالوا على أخذ آمد،) وسعى لهم في ذلك نصراني على أن ينقب لهم من مسافة أربعة أميال حتى وصل إلى سورها.
ففعل ذلك، وكان نقيا واسعا، فوصل إلى البلد من تحت السور. ثم عرف به أهلها، فقتلوا النصراني، وأحكموا ما نقبه وسدوه. ومعنى الدمستق نائب البلاد في شرقي قسطنطينية.