تاريخ الإسلام - الذهبي - ج ٢٥ - الصفحة ١٠٨
الأسوقة فأقبل يسقي المجاورين، ثم شرب وحمد الله، وقال: ليتني تمنيت المغفرة. وكان متواضعا، قال: ما لبست ثوبا بأكثر من سبعة دنانير. وقال أحمد بن كامل القاضي: سمعت علي بن عيسى الوزير يقول: كسبت سبعمائة ألف دينار، أخرجت منها في وجوه البر ستمائة وثمانين ألفا. توفي في آخر السنة، وله تسعون سنة. وقد ذكرناه في الحوادث. ووقع لي من حديثه بعلو في أمالي ابنه عيسى. وله كتابجامع الدعاء، وكتابمعاني القرآن وتفسيره، وأعانه عليه أبو بكر بن مجاهد، وأبو الحسين الواسطي، وكتاب ترسلاته. وزر أولا سنة إحدى وثلاثمائة، وعزل بعد أربع سنين. ثم وزر في سنة خمس عشرة. قال الصولي: لا أعلم أنه وزر لبني العباس وزير يشبهه في عفته وزهده، وحفظه للقرآن وعلمه بمعانيه. وكان يصوم نهاره ويقوم ليله. ولا أعلم أنني خاطبت أحدا أعرف منه بالشعر. وكان يجلس للمظالم وينصف الناس. ولم يروا أعف بطنا ولسانا وفرجا منه. ولما ع زل ثانيا لم يقنع ابن الفرات حتى أخرجه عن بغداد، فجاوره بمكة. وقال في نكبته:
* ومن يك عني سائلا لشماتة * لما نابني أو شامتا غير سائل * * فقد أبرزت مني الخطوب ابن حرة * صبورا على أحوال تلك الزلازل * * إذا سر لم يبطر وليس لنكبة * إذا نزلت بالخاشع المتضائل * وأشار على المقتدر فوقف ما مغله في العام تسعون ألف دينار على
(١٠٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 103 104 105 106 107 108 109 110 111 112 113 ... » »»