تاريخ الإسلام - الذهبي - ج ٢٤ - الصفحة ٢٠٨
ابن أبي حاتم يقول: قلنسوة عبد الرحمن من السماء. وما هو بعجب، رجل منذ ثمانين سنة على وتيرة واحدة، لم ينحرف عن الطريق.
وسمعت علي بن أحمد الفرضي يقول: ما رأيت أحدا ممن عرف عبد الرحمن بن أبي حاتم ذكر عنه جهالة قط.
وسمعت عباس بن أحمد يقول: بلغني أن أبا حاتم قال: ومن يقوى على عبادة عبد الرحمن. لا أعرف لعبد الرحمن ذنبا. سمعت ابن أبي حاتم يقول: لم يدعني أبي أشتغل في الحديث حتى قرأت القرآن على الفضل بن شاذان الرازي ثم كتبت الحديث.
قال أبو الحسن: وكان عبد الرحمن قد كساه الله بهاء ونورا يسر به من نظر إليه. سمعته يقول: أخرجني أبي، يعني رحل بي، سنة خمس وخمسين ومائتين وما احتملت بعد، فلما أن بلغنا الليلة التي خرجنا فيها من المدينة نريد ذا الحليفة احتلمت فحكيت لأبي، فسر بذلك رحمه الله، وحمد الله حيث أدركت حجة الإسلام.
وسمع عبد الرحمن في هذه السنة من محمد بن أبي عبد الرحمن المقرئ صاحب ابن عيينة.) قال: وسمعت علي بن أحمد الخوارزمي يقول: سمعت عبد الرحمن يقول: كنا بمصر سبعة أشهر لم نأكل فيها مرقة، كل نهارنا مقسم لمجالس الشيوخ، وبالليل للنسخ والمقابلة. فأتينا يوما أنا ورفيق لي شيخا فقالوا: هو عليل. فرأينا في طريقنا سمكة أعجبتنا.
قال: فاشتريناه، فلما صرنا إلى البيت حضر وقت مجلس بعض الشيوخ ولم يمكننا إصلاحه ومضينا إلى المجلس. فلم نزل حتى أتى عليه ثلاثة أيام وكاد أن يتغير، فأكلناه نيا، ولم يكن لنا فراغ أن نعطيه لمن يشويه.
ثم قال: لا يستطاع العلم براحة الجسد.
قال أبو الحسن: كان له ثلاث رحلات: رحلة مع أبيه سنة خمس والسنة التي بعدها. ثم إنه حج مع محمد بن حماد الظهراني في الستين ومائتين.
(٢٠٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 203 204 205 206 207 208 209 210 211 212 213 ... » »»