تاريخ الإسلام - الذهبي - ج ٢٢ - الصفحة ٦٩
ضجرت منهم. فلم يزل يطلب إليه حتى طابت نفسه، وكان قد غلبت عليه السوداء وحديث النفس، ثم ضعف بصره وانكسر قلبه، وفقد إخوانه، فاستوحش من كل أحد، ثم إنه تأنس.
قال أبو نعيم: سمعت أبا الفرج الورثاني: سمعت علي بن عبد الرحيم يقول: دخلت على النوري، فرأيت رجليه منتفختين، فسألته، فقال: طالبتني نفسي بأكل التمر، فجعلت أدافعها، فتأبى علي، فخرجت واشتريت، فلما أن أكلت قلت لها: قومي فصلي. فأبت. فقلت: لله علي إن قعدت على الأرض أربعين يوما فما قعدت.) وقال بعضهم عن النوري قال: من رأيته يدعي مع الله حالة تخرج عن الشرع، فلا تقترب منه.
قال ابن الأعرابي في ترجمة النوري: فسألنا أبو الحسين عن نصر بن رجاء، وعثمان، وكانا صديقين له، إلا أن نصرا تنكر له، فقال: ما أخاف ببغداد إلا من نصر فعرفوه أنه بخلاف ما فارقه، فجاء معنا إلى نصر.
فلما دخل مسجده قام نصر، وما أبقى في إكرامه غاية، وبتنا عنده، ولما كان يوم الجمعة ركبنا مع نصر زورقا من زوارقه إلى باب خراسان، ثم صرنا إلى الجنيد، فقام القوم وخرجوا، وأقبل عليه الجنيد يذاكره ويمازحه، فسأله ابن مسروق مسألة، فقال: عليكم بأبي القاسم. فقال الجنيد: أجب يا أبا الحسين أرجو أن يسمعوا جوابك. فقال: أنا قادم، وأنا أحب أن أسمع.
فتكلم الجنيد والجماعة والنوري ساكت، فعرضوا عليه ليتكلم فقال: لقد
(٦٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 64 65 66 67 68 69 70 71 72 73 74 ... » »»