تاريخ الإسلام - الذهبي - ج ٢٢ - الصفحة ١٩١
وقد وقع لي أن سماحة هذا بالإقرار عن أمر بعيد من الحق، لعله أن ينكشف لي أمرهما. أما رأيت قلة تغاضيهما في المحاورة وسكوتهما، مع عظم المال فبينا نحن كذلك، إذ استأذن تاجر موسر، فأذن له القاضي، فدخل وقال: قد بليت بابن لي حدث، يتلف مالي عند فلان المقبن، فإذا منعته مالي احتال بحيل تلجئني إلى التزام غرمه. وأقربه أنه قد نصب المقبن اليوم يطالبه بألف دينار. وبلغني أنه قدمه إليك ليحبس، وأقع مع أمه في نكد إلى أن أزنها عنه.
فتبسم القاضي وقال لي: كيف رأيت قلت: لهذا ومثله فضل الله القاضي.
فقال: علي بالغلام والشيخ. فأدخلا، فأرهب القاضي الشيخ، ووعظ الغلام، فأقر الشيخ وأخذ التاجر بيد ابنه وانصرفوا.) وقال أبو برزة الحاسب: لا أعرف في الدنيا أحسب من أبي حازم القاضي.
وقال القاضي أبو طاهر الذهلي: بلغني أن أبا حازم القاضي جلس بالشرقية، فأدب خصما لأمر، فمات. فكتب رقعة إلى المعتضد يقول: إن دية هذا واجبة في بيت المال، فإن رأى أمير المؤمنين أن يأمر بحملها إلى ورثته فعل.
فحمل إليه عشرة آلاف درهم، فدفعها إلى ورثته.
قلت: وكان المعتضد يجل أبا حازم ويطيعه في الخير.
وبلغنا أن أبا حازم لما احتضر جعل يبكي ويقول: يا رب من القضاء إلى القبر.
وله شعر رائق، فمنه:
* أدل فأكرم به من مدل * ومن شادن لدمي مستحيل * * إذا ما تعذر قابلته بذل * وذلك جهد المقل *
(١٩١)
مفاتيح البحث: الطهارة (1)، القبر (1)، الدية (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 186 187 188 189 190 191 192 193 194 195 196 ... » »»