تاريخ الإسلام - الذهبي - ج ٢٠ - الصفحة ٧١
وكان من القضاة العادلين.
قال أبو بكر بن المقرئ: نا محمد بن بكر الشعراني بالقدس، نا أحمد بن سهل الهروي قال: كنت ساكنا في جوار بكار بن قتيبة، فانصرفت بعد العشاء، فإذا هو يقرأ: يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق الآية. ثم نزلت في السحر، فإذا هو يقرأها ويبكي، فعلمت أنه كان يقرأها من أول الليل.
وقال محمد بن يوسف الكندي: قدم بكار قاضيا من قبل المتوكل في جمادى الآخرة سنة ست وأربعين، فلم يزل قاضيا، يعني على مصر إلى أن توفي في ذي الحجة سنة سبعين، وأقامت) مصر بلا قاض بعده سبع سنين، ثم ولي خمارويه محمد بن عبدة.
وكان أحمد بن طولون أراد بكارا على لعن الموفق فامتنع، فسجنه إلى أن مات أحمد، فأطلق بكار، وبقي يسيرا ومات. فغسل ليلا، وكثر الناس فلم يدفن إلى العصر.
قلت: وكان القاضي بكار، عظيم الحرمة كبير الشأن. وكان ينزل السكان ويحضر مجالسه، فذكر الطحاوي قال: استعظم بكار بن قتيبة قبيح حكم الحارث بن مسكين في قضية ابن السائح، ويعني لما حكم عليه الحارث واخرج من يده دار الفيل، وتوجه ابن السائح إلى العراق يغوث عل الحارث.
قال الطحاوي: وكان الحارث إنما حكم فيها على مذهب أهل المدينة، فلم يزل يونس بن عبد الأعلى يكلم ويجسره حتى جسر ورد إلى ابن السائح ما كان أخذ منهما.
قال الطحاوي: ولا أحصي كم كان أحمد بن طولون يجيء إلى مجلس بكار وهو على الحديث، ومجلسه مملوء بالناس، ويتقدم الحاجب ويقول: لا يتغير أحد من مكانه، فما يشعر بكار إلا وابن طولون إلى جانبه، فيقول له: أيها
(٧١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 66 67 68 69 70 71 72 73 74 75 76 ... » »»