تاريخ الإسلام - الذهبي - ج ٢٠ - الصفحة ٣١
قال أحمد بن يوسف الكاتب: خرج أحمد بن طولون من مصر، وحمل معه ابنه العباس معتقلا، فقدم دمشق، وخرج المعتمد من سامراء على وجه التنزه، وقصده دمشق لاتفاق جرى بينه وبين ابن طولون على المعتمد لم يبق منكم معشر الموالي اثنان. فاجتهد في رده.
وكان ابن كنداج في نصيبين في أربعة آلاف، فصار إلى الموصل، فوجد حراقات المعتمد وقواده بموضع يقال له الدواليب، فوكل بهم هناك، وسار فلقي المعتمد بين الموصل والحديثة، فخرج إليه نحرير الخادم، وسلم عليه واستأذن فأذن له، فدخل ابن كنداج ومعه ابنه محمد وجماعة يسيرة، فسلم ووقف، وقال: يا إسحاق لم منعت الحشم من الدخول إلى الموصل وكان ينزلها أحمد بن خاقان وخطارمش، فقال: يا أمير المؤمنين أخوك في وجه العدو، وأنت تخرج عن مستقرك ودار ملكك، ومتى صح كتاب أخيك يأمرنا بردك.
فقال: أنت غلامي أو غلامه فقال: كلنا غلمانك ما أطعت الله، فإذا عصيته فلا طاعة لك وقد عصيت الله فيما فعلت من خروجك، وتسليط عدوك على المسلمين. ثم خرج من المضرب ووكل به جماعة. ثم بعث إلى المعتمد يطلب ابن خاقان وخطارمش ليناظرهما. فبعث بهما إليه فقال: ما جنى أحد على الإسلام والخليفة ما جنيتم، فلم أخرجتموه من دار ملكه في عدة يسيرة، وهارون الشاري بإزائكم في جمع كبير فلو حضركم وأحذ الخليفة لكان عارا وسبة على الإسلام. ثم رسم عليهم، وبعث إلى الخليفة يقول: ما هذا المقام، فارجع.
فقال المعتمد: فأخلف لي أنك تنحدر معي ولا تسلمني.
فحلف له، وانحدر إلى سامراء، فتلقاه صاعد بن مخلد كاتب الموفق، فسلمه إسحاق إليه، فأنزله في دار أحمد بن الخصيب، ومنعه من نزول دار الخلافة، ووكل به خمسمائة رجل يمنعون من الدخول إليه.)
(٣١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 ... » »»