تاريخ الإسلام - الذهبي - ج ١٩ - الصفحة ٥٥
أبو العباس بن المعتصم بالله أبي إسحاق محمد بن الرشيد هارون بن المهدي. أخو المتوكل على الله.
ولد سنة إحدى وعشرين ومائتين، وبويع في ربيع الآخر سنة إحدى وخمسين، فتنكر له الأتراك، فخاف وانحدر من سامراء إلى بغداد، فنزل على الأمير محمد بن عبد الله بن طاهر بالجانب الغربي. فاجتمع الأتراك بسامراء، ثم وجهوا يعتذرون ويخضعون له ويسألونه الرجوع، فامتنع. فقصدوا الحبس، وأخرجوا المعتز بالله، فبايعوه وخلعوا المستعين.
وبنوا على شبهة، وهي أن المتوكل بايع لابنه المعتز بعد المنتصر. وأخرجوا من الحبس المؤيد بالله إبراهيم بن المتوكل ولي العهد أيضا بعد المعتز. ثم جهز المعتز أخاه أبا أحمد لمحاربة المستعين في جيش كثيف فاستعد المستعين وابن طاهر للحصار ولبناء سور بغداد وتحصينها.
ونازلها أبو أحمد، وتجرد أهل بغداد للقتال، ونصبت المجانيق، ووقع الجد واستفحل الشر، ودام القتال أشهرا.
وكثر القتل، وغلت الأسعار ببغداد، وعظم البلاء، وجهدهم الغلاء، وصاحوا: الجوع. وجرت بين الطائفتين عدة وقعات حتى قتل في بعض الأيام ألفان من جند المعتز، وفي بعض الأيام ثلاثمائة، إلى أن ضعف أهل بغداد وذلوا من الجوع والجهد، وقوي أمر أولئك. فكاتب ابن طاهر المعتز سرا،
(٥٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59 60 ... » »»