تاريخ الإسلام - الذهبي - ج ١٨ - الصفحة ٢٠١
تذاكرنا الكبر، فأخذ يذمه ويتبرأ منه. ثم سجد وعفر وجهه بالتراب، ونثر من التراب على رأسه ولحيته وقال: إنما أنا عبد.
فتطيرت له من التراب. ثم جلس للشرب، وعمل فيه النبيذ، وغني صوتا أعجبه فبكى، فتطيرت من بكائه. فإنا في ذلك إذ بعثت إليه قبيحة بخلعة استعملتها له دراعة حمراء خز، ومطرف خز، فلبسها، ثم جذب المطرف فخرقه من طرفه إلى طرفه و قلعه وقال: اذهبوا ليكون كفني.
فقلت: إنا لله، آنقضت والله المدة، وسكر المتوكل سكرا شديدا، ومضى من الليل ثلاث ساعات، إذ أقبل باغر ومعه) عشرة نفر من الأتراك تبرق أسيافهم فهجموا علينا، وقصدوا المتوكل. وصعد منهم واحد إلى السرير، فصاح الفتح: ويلكم مولاكم. وتهارب الغلمان والجلساء والندماء على وجوههم، وبقي الفتح وحده، فما رأيت أقوى نفسا منه، بقي يمانعهم، فسمعت صيحة المتوكل وقد ضربه باغر بالسيف المذكور على عاتقه، فقده إلى خاصرته، وضربه آخر بالسيف، فأخرجه من ظهره، وهو صابر لا يزول، ثم طرح نفسه على المتوكل، فماتا فلفا في بساط، وطرحا ناحية، فلم يزالا في ليلتهما وعامة النهار، ثم دفنا معا.
وكان بغا الصغير قد استوحش من المتوكل لكلام لحقه منه. وكان المنتصر يتآلف الأتراك لا سيما من يبعده أبوه.
قال المسعودي: ونقل في قتلته غير ما ذكرنا.
قال: وأنفق المتوكل على الهاروني والجوسق والجعفري أكثر من مائتي ألف ألف درهم.
(٢٠١)
مفاتيح البحث: القتل (1)، الضرب (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 196 197 198 199 200 201 202 203 204 205 206 ... » »»