تاريخ الإسلام - الذهبي - ج ١١ - الصفحة ٣٤٧
قال: أجل، الأنبياء خاصة إذا قيدت لم يرتفع دعاؤها.
فضحك وقال: متى قيدت قال: اليوم قال: فنحن نطلقك وتأمر جبريل فإن أطاعك آمنا بك.
قال: صدق الله. فلا وربك لا يؤمنون حتى يروا العذاب الأليم فإن شئت فافعل.
فأطلق، فلما وجد رائحة العافية قال: يا جبريل، ومد بها صوته، ابعثوا من شئتم، فما بيني وبينكم عمل. هذا محمد بن سليمان في عشرين ألفا، ودخله كل يوم مائة ألف، وأنا وحدي، ما ذهب لكم في حاجة إلا كشحان.
أبو العيناء قال: قال العباس: دخل فزارة صاحب المظالم على محمد بن سليمان يعوده، فقال له: خذ من الخلنجين مقدار فارة، ومن دواء الكركم مقدار خنفساء، وسوطه بمقدار محجمة من ماء، فإذا صار كالمخاط فتحساه.
فقال: أفعل إن غلبت على عقلي، وإلا فلا.
قال: تجلد، أعزك الله.
قال: الصبر على ما بي أهون.
قال ابن أبي الدنيا: ثنا أبو محمد العتكي: حدثني الحسين مولى آل سليمان بن علي قال: لما احتضر محمد بن سليمان كان رأسه في حجر أخيه جعفر، فقال جعفر: وا انقطاع ظهري.
فقال محمد: وا انقطاع ظهر من يلقى الحساب غدا. يا ليت أمك لم تلدني، وليتني كنت حمالا، وأني لم أكن فيما كنت فيه.
وقيل: إن نساك البصرة هموا بتوبيخ محمد بن سليمان، وقام رجل منهم فوعظه وهو على المنبر،) فخنقت محمدا العبرة، فلم يقدر أن يخطب، فقام أخوه إلى جنبه، فتكلم عنه فأحبه النساك وقالوا: مؤمن مذنب.
(٣٤٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 342 343 344 345 346 347 348 349 350 351 352 ... » »»