تاريخ الإسلام - الذهبي - ج ٩ - الصفحة ٥١٢
فعلم أن ذلك من فضل الله لا بما يستحق العبد فقال باللطف وهو قول بين القولين، وأهل البصرة يسمونهم السمية يعني النصفية، يقولون: ذهب عنهم نصف القدر لأنهم يقولون: لا نقول إن العبد يزكي نفسه بعمله وإنما ذلك تلطيف من الله. فباينوا القدرية في هذه. وكان من قول أهل السنة الخصوص إن الله يختص برحمته من يشاء وأن أولياء الله لم يزالوا عند الله في علمه كذلك قبل أن يخلقهم، وكذلك أعداؤه.
إلى أن قال ابن الأعرابي: ومن قول أهل السنة أنه تعالى يخص ويعم ويهدي ويضل ويلطف ويخذل وان الناس يعملون فيما قد فرغ منه، فأهل الطاعة لا يقدرون عليها إلا بتوفيقه وأهل المعصية لا يجاوزون علمه ولا قدرته إلا به، وإن خالفت أعمالهم جميعا ولكنهم قد أمروا بالعمل.
قال ابن الأعرابي: وقال عبد الواحد بالمحبة علة مذاهب أهل الخصوص ولو صدق نفسه لاضطره قوله بالمحبة إلى القول بالسنة والكتاب، ولكنه سامح نفسه وتكلم في الشوق والفرق والأنس وجميع فروع المحبة التي قال بها أهل الإثبات، وأن الله يحب من أطاعه، وأن الطاعة والاتباع أوجب المحبة من الله تعالى. ومن قول السنة: إن الله أحب قوما فوفقهم لطاعته فكانت محبته لهم واختياره لما سبق من علمه لا لكسبهم فكانت محبته لهم قبل عملهم وقبل خلقهم.
ولعبد الواحد كلام كثير حسن. وممن صحبه أحمد بن أبي عطاء اللخمي وموسى الأشج ونصر ورباح بن عمرو.
قال ابن الأعرابي: وقد ذكر قوم من البصريين أن عبد الواحد رجع عن القدر.
(٥١٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 507 508 509 510 511 512 513 514 515 516 517 ... » »»