تاريخ الإسلام - الذهبي - ج ٩ - الصفحة ٤٢
فقلت: والله لا ينظر إلي أهل بيتي منهزما ثم كان أكثر ما عندي أن أقول لمن مر بي من المنهزمين أقرئوا أهل بيتي السلام وقولوا: إني لم أجد فداء أفديكم به أعز علي من نفسي وقد بذلتها لكم فأنا لكذلك إذ عمد ابنا سليمان لإبراهيم فخرجا من ورائه فنظر أصحاب إبراهيم فإذا القتال من ورائهم فكروا فركبنا أعقابهم فلولا ابنا سليمان بن علي لافتضحنا وكان من صنع الله أن أصحابنا لما انهزموا اعترض لهم نهر دون ثنيتين عاليتين، فحالتا بينهم وبين الفرات، ولم يجدوا مخاضة، فكروا راجعين بأنفسهم، ثم انهزم أصحاب إبراهيم، فثبت هو في نحو من خمسمائة. وقيل بل ثبت في سبعين رجلا، ثم حمل حميد بن قحطبة في طائفة معه، وقاتلوا قتالا شديدا، حتى إن الفريقين قتلوا بعضهم بعضا، وجعل حميد يبعث بالرؤوس إلى بين يدي عيسى،) وثبتوا عامة يومهم يقتتلون، إلى أن جاء سهم غرب لا يدرى من رمى به، فوقع في حلق إبراهيم، فتنحى عن موقفه، فأنزلوه، وهو يقول: وكان أمر الله قدرا مقدورا. أردنا أمرا وأراد الله غيره، فاجتمع عليه أصحاب يحمونه، فأنكر حميد اجتماعهم، وأمر فحملوا عليه، فقاتلوا أشد قتلا يكون، حتى انفرجوا عن إبراهيم، فنزل أصحاب حميد، فاحتزوا رأس إبراهيم، وأتي به عيسى، فنزل وسجد لله، وبعث به إلى المنصور، وذلك لخمس بقين من ذي القعدة، وعمره ثمان وأربعون سنة.
وقيل: كان عليه قباء زرد، فآذاه الحر، فحل إزاره، وحسر عن صدره، فأصاب صدره نشابة، فاعتنق فرسه، وكر راجعا، ووصل أوائل المنهزمين من عسكر المنصور إلى الكوفة، فتهيأ المنصور للهرب، وأعد النجائب ليذهب إلى الري، فيقال: إن نوبخت المنجم دخل عليه فقال: الظفر لك،
(٤٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 ... » »»