تاريخ الإسلام - الذهبي - ج ٩ - الصفحة ٣٧
وقالوا له: لو نهضت إلى واسط البصرة أتاك من أتاك، فنزل في دار أبي مروان النيسابوري.
قال عفو الله بن سفيان: أتيت إبراهيم يوما وهو مرعوب، فأخبرته بكتاب أخيه أنه ظهر بالمدينة، وأنه يأمره بالخروج، فوجم لها واغتم، فأخذت أسهل عليه وأقول: قد اجتمع لك أمرك، معك التغلبي والطهوي والمغيرة، وأنا وجماعة، فنخرج إلى السجن في الليل فنفحه، ويصبح معك خلق من الناس، فطابت نفسه، وبلغ ذلك المنصور فجهز جيشا إلى البصرة، ثم سار فنزل الكوفة ليكتفي شر الشيعة وفتقهم.
قال أبو الحسن الحذاء: ألزم المنصور الناس بالسواد، فكنت أراهم يصبغون ثيابهم بالمداد، يعني السوقة، ثم جعل يحبس أو يقتل كل من يتهمه بالكوفة. وكان ابن ماعز الأسدي يبايع لإبراهيم بالكوفة سرا. وقتل المنصور جماعة كثيرة عسفا وظلما. وكان بالموصل ألفا فارس لمكان الخوارج، فطلبهم المنصور، فلما كانوا بباخمرا اعترض أهلها العسكر، وقالوا: لا ندعكم) تجاوزونا لتنصروا أبا جعفر على إبراهيم، فقاتلوهم، فقتل منهم خمسمائة.
وأما أمير البصرة سفيان بن معاوية، فتهاون في أمر إبراهيم حتى عجز، واتسع الخرق، فبقي كلما قيل له إبراهيم خارج لم يعرج على قول أحد فلما خرج إبراهيم جعل أصحابه ينادون سفيان وهو محصور: أذكر بيعتك في دار المخزوميين، فيقال: كان مداهنا لإبراهيم مما في قلبه على المنصور.
وكان ظهور إبراهيم في أول رمضان في الليل، فصار إلى مقبرة بني يشكر في بضعة عشر فارسا، وقدم تلك الليلة أبو حماد الأثرم في ألفين، فنزل الرحبة، فكان إبراهيم أول شيء أصاب دواب أولئك العسكر وأسلحتهم،
(٣٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 ... » »»