تاريخ الإسلام - الذهبي - ج ٩ - الصفحة ٣٧٠
أو هو أغلق على نفسه خوفا منهم، فكادوا أن يكسروا الباب بالدبابيس، وشتموه وحصروه، فجاء المهدي وأنكر ذلك، فلم ينتهوا، إلى أن كاشفه ذوو الأسنان من أهل بيته بحضرة المهدي، وأغلظوا له وعنفوه ليخلع نفسه، وكان أشدهم عليه محمد بن سليمان بن علي، فاعتذر بأن عليه أيمانا مشددة في أمواله ونسائه، فأحضروا له القضاة والعلماء فأفتوه بما رأوا من المصلحة، وكفر عنه المهدي، وأعطاه أموالا كما قدمنا.
وكان خلعه في أثناء المحرم، ثم صعد المهدي المنبر وخطب، وصعد عيسى فبايع أول الناس بالعهد لموسى الهادي.
وكتب بخلعه ما صورته: هذا كتاب لعبد الله المهدي محمد أمير المؤمنين، ولأهل بيته وجنده وعامة المسلمين، كتبه عيسى بن موسى فيما كان جعله له من العهد إذ كان أبى حتى اجتمعت كلمة المسلمين واتسق أمرهم على الرضا بولاية موسى، وخلعت نفسي مما كان في رقابهم من البيعة لي، وجعلتكم في حل وسعة من ذلك، فليس في ذلك لي دعوى ولا طلبة ولا حجة ولا مقالة ولا طاعة على أحد، ولا بيعة في حياتهما، ولا ما دمت حيا، والتمام عليه عهد الله وميثاقه وذمته وذمة رسوله وذمة آبائي، وأعظم ما اخذ الله واعتهد على أحد من خلقه من عهد أو ميثاق، أو تغليظ على السمع والطاعة والنصيحة لهما، والموالاة لهما، ولمن والاهما، والمعاداة لمن عاداهما في هذا الأمر الذي خرجت منه، فإن أنا نكثت أو غيرت أو أدغلت، فكل زوجة لي أو أتزوجها إلى ثلاثين سنة طالق ثلاثا البتة، وكل مملوك لي أو أملكه إلى ثلاثين سنة أحرار، وكل ملك لي من نقد أو عرض أو قرض أو أرض أو أستفيده إلى ثلاثين سنة صدقة على المساكين، وعلي المشي من العراق حافيا إلى بيت الله نذرا واجبا ثلاثين سنة لا كفارة لي ولا مخرج إلا الوفاء به، والله علي بالوفاء بذلك راع كفيل شهيد.
(٣٧٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 365 366 367 368 369 370 371 372 373 374 375 ... » »»