تاريخ الإسلام - الذهبي - ج ٧ - الصفحة ٤٠٩
وعن أبي بكر بن عياش قال: قيل للبطال: ما الشجاعة قال: صبر ساعة، وقال الوليد: أخبرني ابن جدابر، حدثني من سمع البطال يخبر مالك بن شبيب أمير مقدمة الجيش الذي قتل فيه، عن خبر بطريق أقرن صهر البطال، أن ليون طاغية الروم قد أقبل نحوه في مائة ألف فذكر قصة، فيها إشارة البطال عليه باللحاق ببعض مدن الروم والتحصن به، حتى يلحقهم الأمير سليمان بن هشام، وذكر عصيان مالك في رأيه، قال: ولقينا ليون، فقاتل مالك يومئذ ومن معه حتى قتل في جماعة، والبطال عصمة لمن بقي، ووال لهم قد أمرهم ألا يذكروا له إسما، فتجمعوا عليه، فحمل البطال، فصاح بعض من معه باسمه وفداه، فشدت عليه فرسان الروم حتى شالته برماحها عن سرجه وألقته إلى الأرض، وأقبلت تشد على بقية الناس مع اصفرار الشمس.
قال الوليد: قال غير ابن جابر: وليون طاغيتهم قد نزل، ورفعوا أيديهم يستنصرون على المسلمين، ورأوا من قلة المسلمين وقلة من بقي، فقال: ناد يا غلام برفع السيف، وترك بقية القوم لله وانصرفوا، قال ابن جابر: فأمر البطال مناديا، فنادى: أيها الناس، عليكم بسنادة، فتحصنوا فيها، وأمر رجلا على مقدمتهم، وآخر على ساقتهم يحمل الجريح والضعيف، وثبت البطال مكانه، ومعه قرابة له في مواليه، وأمر من يسير في أوائلهم يقول: أيها الناس إلحقوا فإن البطال يسير بأخراكم، وأمر من ينادي في أخراهم: إلحقوا فإن البطال في أولاكم، فلم يصبحوا إلا وقد دخلوها، يعني سنادة، وأصبح البطال في المعركة وبه رمق، فلما كان من الغد، ركب ليون بجيشه، فأتى المعركة، فوجد البطال وأصحابه، فأخبر به، فأتى حتى وقف عليه، فقال: أبا يحيى كيف رأيت قال: وما رأيت، كذلك الأبطال تقتل وتقتل فقال ليون: علي بالأطباء، فأتي بهم، فنظروا في جراحه، فوجدوه قد أنفذت مقاتله،
(٤٠٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 404 405 406 407 408 409 410 411 412 413 414 ... » »»