تاريخ الإسلام - الذهبي - ج ٤ - الصفحة ١٤٩
ثم قال: أما بعد، فإنك قد كانت قبلك خلفاء لهم أبناء، ليس ابنك بخير من أبنائهم، فلم يروا في أبنائهم ما رأيت في ابنك، ولكنهم اختاروا للمسلمين حيث علموا الخيار، وإنك تحذرني أن أشق عصا المسلمين، ولم أكن لأفعل، إنما أنا رجل من المسلمين، فإذا اجتمعوا على أمر فإنما أنا رجل منهم. فقال: يرحمك الله، فخرج ابن عمر.
ثم أرسل إلى ابن أبي بكر، فتشهد، ثم أخذ في الكلام، فقطع عليه كلامه، وقال: إنك والله لوددت أنا وكلناك في أمر ابنك إلى الله، وإنا والله لا نفعل، والله لتردن هذا الأمر شورى في المسلمين، أو لنعيدنها عليك جذعة، ثم وثب ومضى، فقال معاوية: اللهم اكفنيه بما شئت، ثم قال: على رسلك أيها الرجل، لا تشرفن على أهل الشام، فإني أخاف أن يسبقوني بنفسك، حتى أخبر العشية أنك قد بايعت، ثم كن بعد على ما بدا لك من أمرك.
ثم أرسل إلى ابن الزبير فقال: يا بن الزبير، إنما أنت ثعلب رواغ، كلما خرج من حجر دخل آخر، وإنك عمدت إلى هذين الرجلين فنفخت في مناخرهما وحملتهما على غير رأيهما. فقال ابن الزبير: إن كنت قد مللت الإمارة فاعتزلها، وهلم ابنك فلنبايعه، أرأيت إذا بايعنا ابنك معك لأيكما تسمع ونطيع لا نجمع البيعة لكما أبدا، ثم خرج .
وصعد معاوية المنبر، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: إنا وجدنا أحاديث الناس ذات عوار، زعموا أن ابن عمر، وابن أبي بكر، وابن الزبير، لن يبايعوا يزيد، وقد سمعوا وأطاعوا وبايعوا له، فقال أهل الشام: والله لا نرضى حتى يبايعوا على رؤوس الأشهاد، وإلا ضربنا أعناقهم،) فقال: سبحان الله ما أسرع الناس إلى قريش بالشر، لا أسمع هذه المقالة من أحد منكم بعد اليوم، ثم نزل، فقال الناس: بايع ابن عمر وابن الزيبر وابن أبي بكر
(١٤٩)
مفاتيح البحث: الشام (2)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 144 145 146 147 148 149 150 151 152 153 154 ... » »»