تاريخ الإسلام - الذهبي - ج ٢ - الصفحة ١٩١
كنت أول من فاء يوم أحد، فرأيت رجلا يقاتل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم دونه. وأراده قال: يحميه، فقلت: كان طلحة حيث فاتني ما فاتني، قلت: يكون رجلا من قومي أحب إلي. وبيني وبين المشركين رجلا لا أعرفه، وأنا أقرب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم منه، وهو يخطف المشي خطفا لا أخطفه. فإذا هو أبو عبيدة. فانتهينا إلى رسول لله صلى الله عليه وسلم وقد كسرت رباعيته وشج في وجهه، وقد دخل في وجهه حلقتان من حلق المغفر. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: عليكما صاحبكما يريد طلحة وقد نزف.
فلم نلتفت إلى قوله، وذهبت لأنزع ذلك من وجهه. فقال أبو عبيدة: أقسمت عليك بحقي لما تركتني. فتركته. فكره أن يتناولها بيده فيؤذي النبي، فأزم عليهما بفيه، فاستخرج إحدى الحلقتين. ووقعت ثنيته مع الحلقة. وذهبت لأصنع ما صنع، فقال: أقسمت عليك بحقي لما تركتني. ففعل ما فعل في المرة الأولى، فوقعت ثنيته الأخرى مع الحلقة. فكان أبو عبيدة من أحسن الناس هتما، فأصلحنا من شأن النبي صلى الله عليه وسلم، ثم أتينا طلحة في بعض تلك الجفار، فإذا بضع وسبعون، أقل أو أكثر، من بين طعنة ورمية وضربة، وإذا قد قطعت إصبعه. فأصلحنا من شأنه.
وروى الواقدي عن ابن أبي سبرة، عن إسحاق بن عبد الله بن أبي فروة، عن أبي الحويرث، عن نافع بن جبير قال: سمعت رجلا من المهاجرين يقول: شهدت أحدا، فنظرت إلى النبل يأتي من كل ناحية، ورسول الله صلى الله عليه وسلم وسطها، كل ذلك يصرف عنه. ولقد رأيت عبد الله بن شهاب
(١٩١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 186 187 188 189 190 191 192 193 194 195 196 ... » »»