أرى شيئا ثم يقولون: (جاء محمد) فأسعى حتى جاء النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبه أبو بكر فكمنا في بعض جدر المدينة ثم بعثا رجلا من أهل البادية ليؤذن بهما الأنصار قال: فاستقبلهما زهاء خمسمائة من الأنصار حتى انتهوا إليهما فقالوا: انطلقا آمنين مطاعين فأقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبه بين أظهرهم فخرج أهل المدينة حتى إن العواتق لفوق البيوت يتراءينه يقلن:
أيهم هو؟ قال: فما رأينا منظرا شبيها به يومئذ. صحيح.
وقال الوليد بن محمد الموقري وغيره عن الزهري قال: فأخبرني عروة أن الزبير كان في ركب تجار بالشام فقفلوا إلى مكة فعارضوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبا بكر بثياب بياض وسمع المسلمون بمخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فكانوا يغدون كل غداة إلى الحرة فينتظرونه حتى يردهم نحر الظهيرة فانقلبوا يوما بعدما أطالوا انتظاره فلما أووا إلى بيوتهم أوفى رجل من يهود أطما من آطامهم لشأنه فبصر برسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه مبيضين يزول بهم السراب فلم يملك اليهودي أن قال بأعلى صوته: يا معشر العرب هذا جدكم الذي تنتظرون فثار المسلمون إلى السلام فلقوا رسول الله صلى الله عليه وسلم بظهر الحرة فعدل بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات اليمين حتى نزل في بني عمرو بن عوف من الأنصار وذلك يوم الاثنين من شهر ربيع الأول فقام أبو بكر يذكر الناس وجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم صامتا فطفق من جاء من الأنصار ممن لم ير رسول الله صلى الله عليه وسلم يحسبه أبا بكر حتى أصابت الشمس رسول الله صلى الله عليه وسلم فأقبل أبو بكر حتى ظلل عليه بردائه