أن يأتي الحارث يستوصفه في مرض نزل به فدل ذلك على أنه جائز أن يشاور أهل الكفر في الطب إذا كانوا من أهله وكان ولده الحارث بن الحارث من المؤلفة قلوبهم وهو معدود في جملة الصحابة رضي الله تعالى عنهم ويقال إن الحارث بن كلدة كان رجلا عقيما لا يولد له وإنه مات في خلافة عمر رضي الله عنه (346) ولما حاصر رسول الله صلى الله عليه وسلم الطائف قال أيما عبد تدلى إلي فهو حر فنزل أبو بكرة رضي الله عنه من الحصن في بكرة قلت وهي بفتح الباء الموحدة وسكون الكاف وبعدها راء ثم هاء وهي التي تكون على البئر وفيها الحبل يستقى به والناس يسمونها بكرة بفتح الكاف وهو غلط إلا أن صاحب كتاب مختصر العين حكاها بالفتح أيضا وهي لغة ضعيفة لم يحكها غيره قال فكناه رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا بكرة لذلك وكان يقول أنا مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأراد أخوه نافع أن يدلي نفسه في البكرة أيضا فقال له الحارث بن كلدة أنت ابني فأقم فأقام ونسب إلى الحارث وكان أبو بكرة قبل أن يحسن إسلامه ينسب إلى الحارث أيضا فلما حسن إسلامه ترك الانتساب إليه ولما هلك الحارث بن كلدة لم يقبض أبو بكرة من ميراثه شيئا تورعا هذا عند من يقول إن الحارث أسلم وإلا فهو محروم من الميراث لاختلاف الدين فلهذا قال ابن مفرغ الأبيات الثلاثة البائية لأن زيادا ادعى أنه قرشي باستلحاق معاوية له وأبو بكرة اعترف بولاء رسول الله صلى الله عليه وسلم ونافع كان يقول إنه ابن الحارث بن كلدة الثقفي وأمهم واحدة وهي سمية المذكورة وهذا سبب نظم البيتين في آل أبي بكرة كما تقدم ذكره وعلاج جد الحارث بن كلدة كما ذكرته
(٣٦٣)