وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان - ابن خلكان - ج ٥ - الصفحة ٢٢٧
ذاك يوم الاثنين لثمان بقين من شوال سنة إحدى وستين وثلاثمائة وانتقل إلى سردانية وأقام بها ليجتمع رجاله وأتباعه ومن يستصحبه معه وفي هذه المنزلة عقد العهد لبلكين في التاريخ المذكور في ترجمته ورحل عنها يوم الخميس خامس صفر سنة اثنتين وستين وثلاثمائة ولم يزل في طريقه يقيم بعض الأوقات في بعض البلاد أياما ويجد السير في بعضها وكان اجتيازه على برقة ودخل الإسكندرية يوم السبت لست بقين من شعبان من السنة المذكورة وركب فيها ودخل الحمام وقدم عليه بها قاضي مصر وهو أبو طاهر محمد ابن أحمد وأعيان أهل البلاد وسلموا عليه وجلس لهم عند المنارة وخاطبهم بخطاب طويل يخبرهم فيه أنه لم يرد دخول مصر لزيادة في ملكه ولا لمال وإنما أراد إقامة الحق والحج والجهاد وأن يختم عمره بالأعمال الصالحة ويعمل بما أمر به جده صلى الله عليه وسلم ووعظهم وأطال حتى بكى بعض الحاضرين وخلع على القاضي وبعض الجماعة وحملهم وودعوه وانصرفوا ثم رحل منها في أواخر شعبان ونزل يوم السبت ثاني شهر رمضان المعظم على ميناء ساحل مصر بالجيزة فخرج إليه القائد جوهر وترجل عند لقائه وقبل الأرض بين يديه وبالجيزة أيضا اجتمع به الوزير أبو الفضل جعفر بن الفرات المذكور في حرف الجيم وأقام المعز هناك ثلاثة أيام وأخذ العسكر في التعدية بأثقالهم إلى ساحل مصر ولما كان يوم الثلاثاء لخمس خلون من شهر رمضان المعظم من السنة عبر المعز النيل ودخل القاهرة ولم يدخل مصر وكانت قد زينت له وظنوا أنه يدخلها وأهل القاهرة لم يستعدوا للقائه لأنهم بنوا الأمر على دخوله مصر أولا ولما دخل القاهرة ودخل القصر ودخل مجلسا منه خر ساجدا لله تعالى ثم صلى ركعتين وانصرف الناس عنه وهذا المعز هو الذي تنسب إليه القاهرة فيقال القاهرة المعزية لأنه الذي بناها القائد جوهر له
(٢٢٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 222 223 224 225 226 227 228 229 230 231 232 ... » »»